وثيقة عهد إلى فلَذّة كبدي..

طفلي
فلذة كبدي ومُنية نفسي
يا من بكَ أصبحتُ أُمًّا
–وهذا موضع فخري-
يا من كان بحملي به السّرّ البديع للخلق
نعم حملتُ ووضعتُ وربّيتُ
ولكنني مسرورة وراضية
وكان تعبي التعب السّار
وفوق ذلك كرّمني ربّي بأمومتي تلك
ورفع بها مكانتي
ووضع الجنة تحت أقدامي
وأمر الأبناء بطاعتي وإرضائي

يا مَن خلاله أضيف رابط جديد
عذبٌ جميلٌ إلى روابطي مع زوجي
فأصبحنا جميعًا نسيجًا واحدًا تسبح فيه دماء واحدة
وكان بأسرتي معنى وجودي وحياتي
وكانت مبرِّرًا لاستمراري

طفلي الغالي
تفانيتُ لأجلكَ منذ أن خُلقتَ بدافع حب غريزي
تعلمتُ من خلالك كيف أحب رغم الألم
تعلمت من خلالك روعة الصبر والتحمّل
عرفتُ سرَّ الخلق ومعنى الوجود
أصبحت أهتف من أعماقي بفهم وحب وحرارة بالغة
سبحان الله

حَبَّة فؤادي
أنت اليوم جزء مني
وستبقى كذلك لبضع سنوات معتمدًا عليَّ في كل شيء
لأني جسرك للتعامل مع العالم الخارجي
ولكنك ستكبر يومًا بإذن الله وتصبح
شخصيةً مستقلةً
إنها كلمة قد تفخر بها وستسرّني كثيرا
ولكنها ستؤلمني بعض الشيء
لأنك لن تحتاج إلى ذلك الجسر
وستقفز للتواصل وحدك مع من وما حولك
وستصبح لك وجهات نظر ورؤى وتفسيرات مستقلة عني
آمُل حينها ألاّ تضايقني

دُرَّتي الغالية
أعزّ الله بك وبكل أبناء المسلمين دينه وكتابه وعباده الصالحين
وأسأل الله تعالى لك السعادة في الدنيا والآخرة
نعم أدعو لك لأنّ من حقّك عليّ الدعاء لك
فما جعل الله استجابة دعاء الوالديْن إلا ليدعوا لأبنائهم ما استطاعوا
فقد ذكر الله دعاء أم مريم لمريم
لتتعلم كل أمٍّ أن صلاح حال أبنائها يكون بتقواهن لله ودعائهن لذرياتهن
فأسأل الله أن يرزقني بِرَّك
وأن يرزقك رضايَ عنك أبدًا

فيا منية فؤادي
أعاهدك أن أكون لك أمًّا مثالية
ورجائي أن تكون لي ابنًا صالحًا مثاليًّا
وآمُل –يا من جعلك الله زينة الحياة الدنيا-
ألاّ تلهيَني عن طاعة الله

أمكَ
هداية الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقال مقتبس من افتتاحية كتاب
موسوعة التربية العملية للطفل
هداية الله أحمد الشاش
دار السلام – القاهرة