
قال الله تعالى { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ. }
صدق الله العظيم .
اخوتي في الله في بداية هذا الموضوع اريد القول اني ترددت كثيرا في عنونته واستقر رايي على هذا العنوان ّفويل للمصلين " طبعا الكلام كلام رب العزة وقد بات يستشهد به العرب قديما وحديثا في مختلف الامثلة والوقائع كالقول " كمن يقف عند ويل للمصلين " دون ان يختم بقية الاية الكريمة ومعرفة مغزاها واهدافها ..فمن يقف عند شيء محدد دون ان ينهيه او يختمه كمن يقف عند ويل للمصلين .وهنا اريد القول ان الطرح ليس ذو مغزى ومضمون اسلامي معين حتى يكون مكانه المنتدى الاسلامي بل اني فضلت طرحه في المنتدى العام لان القضية عامة وتحتاج الى مختلف الاتجاهات والافكار وتهم بالاساس المجتمع التونسي العربي المسلم وغير المسلم وبالتالي ما يهمنا هو ما الت اليه اوضاع البلاد والعباد اليوم وما اصبحنا نعيشه بين الفينة والاخرى والنهار والليل مع بروز مظاهر وبدع ومحدثات ما انزل الله بها من سلطان ..يقولون ان الاختلاف رحمة واحيانا ينقلب الى نقمة تؤذي وتمس الجميع ..تمس امن وامان وتعايش ابناء هذا البلد الذي يجمعهم الكثير ويفرقهم القليل ..تجمعهم كلمة لا اله الا الله محمدا رسول الله صل الله عليه وسلم ..وحتى لا اطيل عليكم وانطلق في فحوى ومضمون الرسالة احدثكم عن مبتكرات العصر واخر الزمان ..يحدث في تونس اليوم ولم يحدث من قبل ان يختلف المسلم مع اخيه المسلم فيتشبث كل طرف بموقفه ورؤياه ويسعى لتنفيذ رغباته ومساعيه بشتى الوسائل المتاحة وغير المتاحة ..يحدث في تونس اليوم ان يتم التفريق بين مسلم واخر وان تنقسم القبلة الى قبلتين واكثر في المسجد الواحد ..يحدث في تونس اليوم ان يؤم المصلين امامين او اكثر في مسجد واحد ..قد يقول البعض انها حالات شاذة والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه ولكن حين تتعدد الروايات وتكثر الوقائع فانها لم تعد شاذة ولا نادرة بل انها ظاهرة في طريق الانتشار والتوسع ولا تقف عند جهة دون اخرى ..يحدث في تونس اليوم ان هناك جماعات تسعى الى احياء الدين حسب منظورهم الخاص والضيق احيانا وابعد من ذلك يرى بعضهم ان البلاد تحتاج الى فتح اسلامي جديد ..في ليلة السبت المنقضي حصلت مناوشة بين طرفين بل اخوين مسلمين لم يجدا غير المسجد لتصفية حساباتهم فقبل صلاة العشاء وحين اجتمع المصلون تقدم الصفوف احدهم وصاح في القوم قائلا "اشهدوا يا مسلمين ان فلان المعروف لديكم اهانني وضربي بمعية ابنه البكر امام المسجد " وقبل ان ينهي كلمته صاح في مقدمة الصفوف غريمه مكذبا وناعتا اياه بابشع الصفات والالفاظ التي تقشعر لها الابدان خارج المسجد فما بالك وهم داخله ..وهكذا عمت الفوضى المسجد المذكور امام ذهول واستغراب العقلاء والمتقين ..وحاول بعضهم تليين المواقف وحل النزاع بالتي هي احسن وكفى المؤمنين شر القتال ...ونودي للصلاة فانتبه الحضور وعم المسجد الهدوء والسكينة وبعد انتهاء الصلاة وحين سلم الامام ورد التسليم كان المسجد مغلقا ابوابه فهو "مكيف" ..وحين بادر المصلون بمغادرته لم يقدروا على ذلك فلقد هاجمت طائفة ملتحية تحمل اسلحة بيضاء من سيوف وخناجر وسلاسل وهراوات وعم الضجيج المكان وتعالت اصوات النجدة والاستغاثة والدعاو لله ان يحسم الامر على خير ويجنب الامنين شر العابثين والخارجين عن الدين واخلاق الاسلام ...فلم يتركوا احدا يغادر المسجد مشهرين اسلحتهم ومتوعدين كل من يقترب منهم ومطالبين براس فلان وابنه نصرة لرفيقهم واخوهم في المنهج والعقيدة ..ومن الطاف الله ان سارع امام المسجد بترك احد الطرفين المتخاصمين ينجو بنفسه رفقه ابنه من الباب الخلفي للمسجهد دون ان يراهما المقتحمين ..وحين تدخل احد الحاضرين مخاطبا هؤلاء الغزاة معاتبا ومعيبا صنيعهم وعدم احترام حرمة المكان خاطبه احدهم قائلا " النبي صل الله عليه وسلم حارب المشركين داخل مكة المكرمة فمابالك بنا نحاربهم في مسجد ؟" طبعا يسال احدكم كيف تم حضور هؤلاء ومن طلبهم والجميع داخل المسجد يؤدون الصلاة ؟ الجواب ان احدهم ممن ينسبون على تيارهم السلفي والسلفيين ابرياء منهم والسلفية بريئة منهم ومن معتقدهم لم يصلي مع الجماعة وبقي خارج المسجد لطلب النصرة من الجماعة من جهات مختلفة وجاؤوا على جناح السرعة في سيارات وشاحنات ..لم يقدر اي كان على تصوير المشهد فالجميع اغلقوا هواتفهم والفزع نال منهم لدرجة اغماء بعضهم وتعرض البعض الاخر للاعتداء والدوس تحت الاقدام والارجل ..حالة من الفزع والرعب لم يعيشوها سابقا حتى في ايام التضييق على الاسلام والمسلمين من النظام الاستبدادي ..ولم تنتهي الواقعة الا بحضور قوى الامن الوطني التي لبت النداء على عجل ولحسن الحظ انها لازمت الهدوء واتبعت منهج سليم ومتزن قصد حل الاشكال دون تصعيد ولربما مواجهات مع المقتحمين ..وانتهت بملاحقة بعضهم وتفريق البعض الاخر دون خسائر والحمد لله ..ولكن كانت الخسارة في زعزعة امن العباد وبث الرعب في النفوس الامنة لدرجة طلب السلامة وعدم حضور صلاة الجماعة في مثل هاته الاوضاع المزرية التي عرفتها البلاد .والخشية كل الخشية من تجددها لا سامح الله مستقبلا فالاطراف المختلفة والمتنازعة لا تزال على مواقفها وتطرفها...وللتاريخ فان هاته الاطراف التي تنسب الى التيار السلفي كانت موجودة في العهد البائد وكانت تصرفات بعضهم مخالفة للشرع وللاسلام الحنيف كدين وسطية واعتدال وسماح واخوة وما شابه فكانوا يصطفون في صفوف لا تقبل غيرهم من العباد الاخرين الذين لا يرتدون نفس اللباس ولا يطلقون لحاياهم ..وكانوا لا يلتزمون بالصفوف بل يتقدموها او يتاخروها ولا يلتزمون بصلاة الامام في التكبير او الركعات والسجود وحتى رد السلام وحين خاطبهم يوما الامام ودعاهم للالتزام بحرمة المسجد والصفوف قائلا لهم" ان المصلين في مكة المكرمة يلتزمون الصفوف" خاطبوه " حين تزور مكة وتحج اليها سنتبعك ونلتزم باوامرك ؟ اما وانت لاتزال شابا ولم تحج البيت فنحن ادرى واعلم افضل منك "
وختاما ساعرض عليكم اخوتي نموذجا حيا مماثلا لما رويت ولكم بقية الاستنتاجات ان اردتم ...وما قولي بويل للمصلين فاعمال هؤلاء وافعالهم لا شك انها اخطر ممن هم ساهون عن صلاتهم بل هم اصلا ساهون على صلاتهم ويراؤون وما هكذا كانت وتكون صلاة المسلم المتقي الذي يخشى ربه ويلتزم باخلاق وصفات نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه .وهذا ليس افتاء ولا تشنيعا بافعال واقوال هاته الطائفة ولا نيلا منهم ولا هي تضخيما وتشهيرا ولاهي فتاو في شانهم ..وانما موقف انسان مسلم تونسي تدفعه الغيرة ومحبة دينه ووطنه وما كنت لاكتب هذا سوى لما ذكرت ..والله يشهد على ما اقول..
دمتم برعاية الله وحفظه.
[M]https://www.facebook.com/photo.php?v=230633090388575[/M]
