لم ولن نرمي باقلامنا يا سادتنا الجدد ..فتونس هاته البلاد الصغيرة في حجمها كبيرة في مقامها وعظيمة بشعبها ..هاته الارض خصبة حقولها ومتين اديمها وسخية على شعبها بشتى المدخرات والثروات الطبيعية التي خلقها الله وسخرها لعباده ..لا تعتقدون لحظة ان مقامكم استتاب ..ومناصبكم تناغيها اقلام المدح ولا تطالها اقلام النقد و العتاب ..فالقرطاس جعل للاقلام الجريئة الحرة الصادقة عبدا مطيعا ابد الدهر ..لا يئن ولا يسام ولا يتمرد ولا يعلم طريق العصيان ..جعل القرطاس للاقلام فراشا دافئا وملاذا امنا ..فلا تغرنكم مناصبا زائلة وكراسي لينة تدور مع دوران عقارب الساعة ..لا يخدعنكم فوزكم في انتخابات شهدتم بانفسكم انها شفافة وذات مصداقية ..لا تغرنكم سلطة وسيادة ياسادة .ان تحمدوا الله حين فرج كروبكم وغير احوالكم فشتان بين امسكم وحاضركم ..ولكن ان تختاروا البناء على انقاض الماضي التعيس بتراكماته البالية ورواسبه العفنة فتتخذون من سابقيكم اسوة لم تكن حسنة وتجعلوهم لكم في سياساتكم قدوة ..فاعلموا ان فعلتم وواصلتم فسوف تكونون لهم خير خلف لاسوا سلف ..عانى شعبنا الحرمان والتهميش والتفقير والتغريب ..استمرت معاناته نصف قرن وتزيد بعد الاستقلال ..وحين ثار مؤخرا ثار لاجل الكرامة ودفع الظلم والاستبداد والنهب والفساد وضد كل اشكال التعسف والنهب والسلب ..وها ان معاليكم تريدون احياء صندوق 26-26 مع تغيير تسميته لاغير تقولون عنه انه صندوق الرحمة ..صندوق الخير ..نعم لعلمكم انه كان كذلك قبل ان تتربعوا على كراسي المسؤوليات وتتولون حقائب الوزارات ..كان المخلوع وزمرته يطبلون ويمتدحون ويتغنون بافاريات وانجازات صندوق التضامن الوطني الذي لم يستبعد اي كان منذ انبعاثه بتسميته بنفس الاسماء التي تروجون لها انتم اليوم ..هكذا ولد الصندوق وهكذا كانت بدايته وحداثة عهده مع الشعب ..تبرعات عفوية " كل قدير وقدرو" ثم تحول الى ديناصور بل الى اخطبوط عملاق طالت اذرعه ابناء المدارس والمعاقين والمعوزين وكافة شرائح المجتمع بما فيها انتم ..لدرجة انه تم تقديمه للامم المتحدة حتى تتخذ منه الامم الاخرى مثيلا في التضامن والنهوض بالمناطق المتخلفة تنمويا ومساعدة المحتاجين والمعدمين الذين لم يعرفوا طيلة حياتهم الى اخر مماتهم غير النسيان والتجاهل في مناطق الظل والتهميش والحرمان..فالى متى يظل هذا الشعب يعاني من صناديقكم ومشاريعكم التبرعية الخيرية ؟ الى متى يستمر التعويل على مجهودات ابناء الشعب والحال ان من واجب الدولة العناية والانفاق الجيد المدروس بعدل ومساواة بين كافة ابناء الوطن الواحد وكافة ارجاءه مدنا وقرى واريافا؟ ..قد تبررون مساعيكم وتظهرون حسن نواياكم وتبرهنون انكم افضل واصدق واتقى من غيركم ..وانكم حريصون على ان تحافظوا على اموال المتبرعين والمساهمين في هذا الصندوق الوطني الذي ترغبون في ان يكون بديلا لسابقه 26_26 ..لربما حسن النوايا لا تكفي فالمؤمن من لا يلدغ من الجحر مرتين اليس كذلك ؟ ومن جهى ثانية الا ترون ان التوقيت غير مناسبا فانتم حكاما وقتيين وبرامجكم وقتية مستعجلة لا احد يمكنه التكهن بنتائجها ولا بمردوديتها في قادم الايام فقد تتركون كراسيكم وقد يخلفكم فيها غيركم وقديكون خلاف صفاتكم واخلاقكم واماناتكم ؟ اوليس الاهتمام والانكباب على الحاصل والمحصول وما توفر لكم من اعتمادات الدولة في ميزانيتها الحالية وحسن التدبر فيها وتنفيذ برامجكم ومشاريعكم المخطط لها على الورق افضل من ترقب اموال التبرعات التي قد تاتي وقد لاتاتي ؟ اوليس الشعب لايزال يعيش ويتجرع مرارة النهب والسلب وتبعات صندوق التضامن الذي نال منه مدة ليست بالهينة ؟ فهل تعتقدون وتظنون ان الدعوة لاحياء تقاليد التبرعات غير قابلة للرفض والنفور مع تدهور الطاقة الشرائية للفئات المتوسطة والضعيفة بالاخص ؟ واخيرا وليس اخرا اقول لعلكم اخطاتم العنوان اليوم حين تجيشون طوابير من مواليكم لدفع مسار التبرع مجددا في المجتمع فالاحرى بكم ان تخاطبوا المستكرشين وتضربون باياد من حديد المفسدين والمنافقين والمتلحسين والانتهازيين الذين لم يتوبوا ولم يعلنوا التوبة بعد عن جرائم انهاك الشعب والنهم من خيراته ومدخرات الوطن ؟ وتكريس الطبقية المقيتة في المجتمع لتزداد الهوة شساعة بين فرد واخر وطائفة واخرى وجهة واخرى حيث تاهت العدالة الاجتماعية وذهبت المساواة مجرى الرياح ؟
وفي جملة ملخصة يحتاج الراعي الى ثقة رعيته حتى يسود مناخ المحبة والاحترام بين الطرفين حيث قد تنجح كل الجهود والمبادرات النبيلة واقعا وليس افتراضا ..يحتاج الراعي الى ان يبرهن على جديته وتفانيه ليجلب لنفسه محبة رعيته وبالتالي توافق الجميع في تكريس مبادئ الخير والمصلحة العامة.
بخاطركم
