قد كان عندي بلبلا ..في قفص من ذهب ..ظريفا وشكله طريفا ..وجهه حلوا طويل الذنب ..وكان يشدو دائما ..ولم اكن احرمه من ماكل اومشرب ..ففر مني وانا ا ؟ بدون ادنى سبب ؟ وقال لي حريتي لا اشترك بها ..ايه دنيا ..نعود احيانا الى مخزن ذاكرتنا المتهرية فتختلط علينا الطرق وتتشابك الافكار بتشابك الاحرف ..فاف من الزمان واف مني ومن زمن رياسته خساسة ..في مثل هذا اليوم ..بل في مثل هاته الليلة المباركة تستعد شعوب العالم باسره سواء كانت متخلفة او متوحشة او راقية متقدمة متفتحة ..سواء كانت بلدانهم متقدمة متحضرة او كانت متخلفة متاخرة عن ركب التمدن والحضارة الانسانية المتقدمة ..احتفالا بالعيد العالمي للشغل الذي هو يوما يحتفل فيه عمال العالم او الشغالين بالشغل وما ادراك ما الشغل ..العمل وما ادراك ما العمل ..هو يوم راحة او عطلة سنوية يختزل ايام وليالي سنة كاملة مرت واخرى على الابواب ..وحتى لا اطيل اعود لبلبلنا المغرد الطريف الجميل الذي فضل الحرية والانعتاق من القفص الذهبي الذي كان يعيش بين جدرانه في امن وامان ورغد عيش وعناية دائمة مستمرة من سيده ومولاه وحارسه وراعيه وكافله واويه ..الحرية تعشقها الطيور كما تعشقها بقية الكائنات الحية على اختلافها وتنوعها ..حريتها لا تقاس بموازين ولا تقدر باثمان ..كان في مامضى يطل علينا بلبلا ليس ككل البلابل المغردة المتدربة المطيعة الحاذقة للفن ..فن الاناشيد ..فن الالحان الموسيقية العذبة التي تطرب الاموات في قبورهم فمابالك بالاحياء العاشقين للحياة والباحثين عن السعادة الدنيوية ..يطل علينا عبر فضائيتنا الوطنية ذاك البلبل الفريد الذي لم تلد حرة مثله هكذا قيل لنا ولقنونا الدروس ..سيادة الرئيس ..ياسلام سلم ..سيادة الرئيس الواحد الاحد الذي يخطب فينا ولاغيره ينوبه او يقلده او يتقمص بدلته وصوته العذب فيبسمل ويهنانا ويدعو لنا بالهناء والسعادة متمنيا لنا الحياة الكريمة ورغد العيش ..يذكرنا بخصال العامل المثالي ويصبر العاطلين والمنسيين والمهمشين بان التشغيل هو من اولى اهتماماته ومشاغله الاولية ..وان البطالة لن تستمر في تصاعد نسبتها ولن تاثر على نمط الحياة الاسرية ولا على اقتصاد البلاد وامن العباد ..يا سلام سلم ..ذاك زمن وهذا زمن ..ها ان سيادته طل علينا طلة بهية وكلمات سخية ..ووعود وهمية ..ولكن هذه الشخصية لم تكن تلك الشخصية ..اه نسيت بل تناسيت ان بلبلنا فر منذ زمان ..ونسى الشعب تلك المعزوفات والالحان ..وسرنا زماننا وليس ككل الازمان ...اختفى بلبلنا الاول فكان لنا لقاء مع بلبلنا ثان..نفس الانغام ونفس الاوزان ..ياسلام ..سنبات عاملين ومعطلين حالمين فرحين مسرورين منتشين وقد غزت الالفاظ والمعاني العقل والوجدان ...هذا ابي مرزوق وهذا عمي فلان ..اه اين بلبلنا الثالث يا خلان ؟ لعله يغني مع الاعيان ؟ لعل اوزانه لا تروي ظما العطشان ؟ ..كثرت بلابلنا ولكن لم تتزحزح قيد انملة متاعبنا ولا الاحزان ..بلابل خارج السرب تغرد واخرى تعزف واخرى تدور وتميل المسلان ..ياسلام ..اف من الزمان واف مني ومن عالم هذا الانسان ..واختم بالقول " في كل لحمة عظم الا الخشم واللسان "
سلام
