يقولون ان السفينة لايقودها ويسيرها الا ربانا واحدا والا فالغرق مالها .
فسفينة بلادنا اليوم يقودها ثلاثة ربان ..فهل يحق لنا طرح السؤال التالي " هل يمكن لهاته السفينة السير المتزن الهادئ المستقيم حتى لاتغرق والربان المتحكمة في قيادتها ثلاث؟"
اذا عدنا الى ماضينا ووقفنا عند من كان يقود ويسير سفينة بلدنا فاننا نعلم علم اليقين ان ربانها كان واحدا تجمعت لديه كامل الصلاحيات والاختيارات ..حيث يحتكم الجميع لاوامره وقراراته ولا يخالفه فيها احدا ..وبالتالي كان نظام الحكم نظاما شموليا وصف بالقمعي الاستبدادي ذات اللون الواحد ..فالمعارضة لاتاثر فيه ولا تنال منه بل دورها شكلي مهمش ومستضعف ..يكاد ينعدم وجودها وفعاليتها في اخذ القرار او مصادمة السلطة الحاكمة حتى في نزوات ربانها واخطائه ..وهذا ينطبق على بقية الاطراف التي تنسب وتصنف على كونها معارضة في بقية البلدان العربية ..والديمقراطية احدى الاكاذيب والاباطيل التي روجتها الانظمة الشمولية العربية على اختلافها ..فلا تداول ولا تناوب على السلط رئاسية كانت ام تشريعية برلمانية او مجالس استشارية وغيرها من الهياكل والمؤسسات التي هي ديكورا وتزويقا ليس الا ..فلا استقلالية ولا حرية ولا مجتمع مدني متوازن وفاعل في الحياة العامة ..انظمة احادية القرن مرجعياتها احزابا متغولة تلتهم بقية الاحزاب الهشة الضعيفة التي انبعثت من ارحامها واخرى سمحت لها بالبروز ومكنتها من النشاط القانوني سعيا لتجميل صورتها داخليا وخارجيا وهي تعلم هشاشتها وتشتتها وعدم مقدرتها على المواجهة وافتكاك السلطة منها .
وحين نعود الى واقعنا اليوم بعد الثورة ودون اطالة نرى كيف اختفى الربان الواحد من على سطح السفينة ..ليبرز للعيان ثلاث ربان كل له مقوده الخاص دون تناغم والتقاء في قيادتها باحكام واتزان ..فما يقوله ويفعله الربان الاول لا يسايره فيه الربان الثاني ولا الثالث ..وكل يغني على ليلاه والامواج تتقاذف السفينة في اتجاهات مختلفة ..لا احد يجزم بالنجاة من الغرق اخر المطاف ..والارساء بها الى بر الامان ..الشعب يئن ويتضور من معاناة الماضي التي تركها خلفه الربان المخلوع ليجد نفسه تحت وطاة ثلاث ربان يزعمون التكتل والوحدة لبناء التغيير والسير بسفينة البلاد بخطى ثابتة ويرجون من الركاب مزيدا من الصبر والهدوء حتى تنجح مهماتهم وتزدهر البلاد وتتقدم ..وحتى اطرح امثلة واقعية قريبة منا اذكر بقضية السلفيين والجهاديين والعلمانيين والاحداث التي وقعت في البلاد ومن اهمها قضية نزع الراية الوطنية في جامعة منوبة وتغييرها براية اخرى ..وكيف تعامل معها الربان الثلات ..فالرئيس ندد وطالب بلجنة للتحقيق والحكومة سارت على نفس الاتجاه وطالبت بلجنة ثانية للغرض نفسه والمجلس التاسيسي اخذ من القضية حيزا في جلساته وطالب بلجنة مستقلة ثالثة للتحقيق في ملابسات القضية والخروج بالحلول اللازمة ..وان عددنا حالات الاختلاف والتخالف بين المعنيين المذكورين فحدث ولاحرج ..مما يطرح الف سؤال وسؤال ..هل ستنتج السفينة وربانها ثلاث ؟
وغدا لناظره قريب ....
