السلام عليكم
تركة الرجل المريض هذه العبارة او الاشارة معلومة وكدنا ننساها من حين الى حين ومن جيل الى اخر ولولا التاريخ لما بقي لها مكان ولا زمان يشير الى معناها ودلالتها ..شبه الغرب ذات انتصار حققوه على اخر خلافة اسلامية واخر امبراطورية عربية اسلامية في القرن الماضي وهي الامبراطورية العثمانية ب " الرجل المريض " وبالتالي تركته وارثه محل جدال ونقاش لتقسيمه وتشتيته بين بعضهم البعض ..وكان لهم ماارادوا ..انتهت الخلافة بل تقوقعت على نفسها وانكمشت وحدد حجمها ولازمت الصمت في اسطنبول التركية الى حين التخلي عنها نهائيا في عهد مصطفى كمال اتاتورك الملقب بالمصلح ومؤسس الدولة التركية العلمانية في اواخر القرن العشرين .. وتركت اقطاعها واقطارها المتنامية ترضح تحت عباءة الاستعمار الغاشم الى زمن حديث من تاريخنا المعاصر حين تحررت كافة الاقطار ورضيت بتقسيم سايس بيكو كاخر الحلول لبناء دولها وتحديد حدود كلا منها ..هذا بعضا من تمهيد للب الموضوع ..ومنه اطرح سؤال وجواب فاقول هل التاريخ يعيد نفسه ؟ واعني تحرر الشعوب من استعمار داخلي في بلدانها مثلما قاومت المستعمر الاجنبي واردفته خارج الديار ؟ فهذه الثورات العربية التي يحلو للبعض وصفها بالربيع العربي ..والتي كانت بلادنا مركزه الاساسي وشعبنا اول شعوب المنطقة التي انطلقت منها شرارة الثورات وقطع المواثيق والعهود مع الانظمة الدكتاتورية الشمولية هل بدا شعبنا يجني ثمار الحرية والانعتاق ؟ ولكن ماحقيقة تلك العبارة من واقعنا المعاش اليوم ؟ فهل تونس يصح وصفها حاليا بالرجل المريض وتركته ؟ من حقنا القول ان بلادنا لا يمكن تقسيم ترابها وتفريق شعبها الواحد نظرا لوحدته التاريخية وعدم وجود طبقات اجتماعية ذات وزن ثقيل مبنيا على ايديولوجيا معينة تساعد على التطاحن والتقاتل والتفرقة ..بل هو شعبا واحد بكل حزازياته وتوجهات افراده يجمعهم الوطن ولم تفرقهم الدكتاتورية ولن تشتتهم الديمقراطية المرتقب بناؤها لبنة لبنة وعلى اسس قوية متينة تضمن استقرار البلاد وامن العباد على مختلف مشاربهم وميولاتهم الفكرية .
ولكن هذا لايعني عدم المشابهة والمقاربة بين التاريخ القديم والحديث فالجامع بينهما تركة ارث وموروث لبلاد وجد شعبها نفسه وبكل مكوناته يجاهد للبناء والتغيير والقطع القصري مع تراكمات الماضي ومخلفاته السلبية ..فبعد الثورة واثر فرار راس النظام وكبار الفاسدين عن البلاد وجد الشعب نفسه في وطن منهك القوى ومبتور الشرايين ومتاصل الداء باحثا عن ادوية مستعجلة وحلولا اجلة وعاجلة لتجاوز الوعكة الصحية والشفاء من الامراض المزمنة والتعكرات اللاحقة تباعا ..ولا يخفى على احد تكالب البعض في نيل ثمار الثورة وكسب المزيد من الثروات وتحقيق بعضا من المكاسب والمصالح وان كانت على حساب وطن الجميع ..احتجاجات تتلوها احتجاجات واضرابات تعقبها اخرى واخرى وانفلاتات امنية من حين الى حين وفزاعات اعلامية تزيد الاوضاع بؤسا وقتامة ..وقوى تجذب للخلف واخرى تهدد وتتوعد ومصالح عامة وخاصة تتعطل من حين لاخرو شركات ومؤسسات انتاجية اجنبية تغادر البلاد ..جرائم و براكاجات و انتشالات وسرقات مختلفة ..حوادث دامية واحداث امنية يعمد من وراءها زعزعة امن البلاد ..استضافات لاجانب خلفت اثرها تصادمات مادية ومعنوية واخرى في طريقها الينا قريبا لمزيد تعكر الاجواء ..اعلام متذبذب ومتداخل لم يرتقي الى منزلة مرموقة مستحبة ترضي الجميع ..اضافة الى هذا كله كوارث طبيعية من ثلوج وامطار غزيرة خلفت فياضانات عارمة تضررت منها عدة مناطق ..فقدان لمنتوجات حساسة يحتاجها المواطنين واحتكارات في بعض المنتوجات والبضائع وغلاء في الاسعار وفقدان المقدرة الشرائية للمواطن الزوالي ..وامام هاته الاوضاع يتقاتل الساسة افقيا دون ان يهتم بعضهم بما يشغل بال فئات الشعب الذي لايزال ينتظر انجازات هامة وتحقيق مكاسب وطموحات ثار لتحقيقها ومات لاجلها الشهداء الابرار وترافقا مع هاته الاوضاع يبرز لنا بعض المنادين والساعين مطالبين باسقاط الحكومة الحالية دون التحضير للبديل الذي من الواجب والمامول ان يكون افضل منها حتى لا نعود الى الخلف مرة اخرى او نظل السبيل ..مظاهرات للتنديد والشجب واخرى معارضة لها وثالثة مؤيدة ومساندة ..حتى يخيل للكثير ان القلوب فاضت فاتبعتها الاودية فاي الحلول سباقة لحسم الاوضاع وعودة الطمانينة للنفوس واستقرار البلاد وارتياح العباد ؟
