السلام عليكم
ونحن نشاهد مباريات كرة القدم في تصفيات كاس امم افريقيا ..قد تتشتت افكار بعضنا بين متعة وتلذذ جمالية اللعبة وبين حيرة مسبوقة باستفهامات كثيرة ..من ذلك مداهمة سؤال دون اجابة مقنعة مرضية وهو هل افريقيا السمراء ليس لها ربيعا؟ ..ودافع هذا السؤال ما نشاهده ونلاحظه ونقراه عن الشعوب الافريقية وسط القارة وجنوبها ..طرحت هذا السؤال على اصدقاء كثر فكان افضل جواب واقربه وانسبه بالنسبة لي هو ان العرب وحدهم من صنعوا الدكتاتورية وليس هناك في بقية الامم الاخرى حكاما مستبدين دكتاتوريين اشباه حكامنا العرب منذ تقسيم سايس بيكو وجلاء الاحتلال الاجنبي لكافة الاقطار العربية الذي زرع خلفه احتلالا لا يقل ضراوة ومتانة ..ليستمر احتلال الشعوب العربية عقودا من الزمن وبالتالي المعاناة وفقدان الكرامة وسلب الحريات واذلال الانسان العربي منذ نعومة اظفاره الى اخر يوم له في الحياة الدنيا واحيانا يصله اذى الحاكم وجبروته في قبره تحت لحده ..حقيقة بت لا اعي ولا ادرك حين تقر الوقائع مع تغير الزمن وتعاقب الاجيال زوال الانظمة المستبدة الفاسدة كالنظام النازي الذي شهدته اروبا وقبله الاقطاعي ولاكذلك الانظمة الشمولية في روسيا واليابان والصين وغيرها من الامم الاخرى ولا كذلك انظمة المماليك والشاهات والسلاطين والامبراطوريات وماشاكلها التي اندثر جلها وان بقي بعضها فهي تاقلمت مع واقع شعوبها وانحنت منحى تاريخي تشريفي لا تسود بلدانها ولا تقمع رعاياها ..بل هناك منها من لازالت تحافظ على علاقات حميمية متبادلة مشرفة بينها وبين شعوبها وهاته الشعوب متمسكة برموزها الوطنيين التاريخيين وتعتزوا بوجودهم واما حكامنا الميامين العرب فلا شعوبهم اوصلتهم دفة الحكم ولا زكت وجودهم ولا قدرت على ازاحتهم او حتى مجرد انتقاد سياسات حكمهم ..وكان هؤلاء منزلين من السماء معصومين من الاخطاء يطالبون بالانحناء وقول الاشادة والثناء ولا يقبلون النقد ولا الهجاء ..اذن ثار شعبنا العظيم على الطاغية ونظامه الفاسد ولم يرضى بفراره بل سعى الى بناء نظام ديمقراطي حديث لايزال يشهد بعض العثرات والمعوقات لحداثة التجربة وصعوبة قبولها والتاقلم معها وهذا امرا طبيعي يدعو الى الثبات والصبر ووحدة كافة مكونات المجتمع المدني وشعورالجميع بالمسؤولية الجسيمة تجاه مستقبل البلاد والعباد ..وحقق مع ذلك الشعبين العربيين المصري والليبي مع ثورتهما الحديثة ازالة اكبر رؤوس الفساد والجبروت وكذلك الشعب اليمني رغم المعاناة والاثمان الباهضة لثورات الحرية والكرامة والتغيير نحو الافضل والانسب للشعوب المضطهدة ..وان فشلت ثورة الشعب البحريني والعماني ووادها ابان مولدها بتعاون وتكاتف قوى داخلية وخارجية الا ان ثورة الشعب السوري الشقيق لاتزال مستمرة منذ مايقارب السنة وماشهدته من ضخامة اعداد الضحايا والابرياء الذين تزداد اعدادهم كل يوم وليلة واخرها مجزرة مدينة حمص المناضلة التي بلغ عدد ضحايا الجبروت والطغيان لنظام الاسد وشبيحته وطائفته التي لاتحتكم لبقائها الا بقوة السلاح والنار وابادة الشعب الاعزل المجاهد الذي رفض الانصياع والاستسلام لجبابرة العصر وطغاة العرب الفاسدين مايزيد عن مئتين ضحية ..وان عدنا لنسال عن غياب الربيع الافريقي بتعلة ان الشعوب الافريقية هي افضل منا في انظمتها وفي رفاهية عيشها ووحدة شعوبها ولذلك لانترقب منها ثورات مماثلة لعالمنا العربي هذا كتفسير وتحليل وهناك تفاسير اخرى تقول بان الثورات لاتحركها الايادي والعقول الداخلية وانما تدعمها قوى خارجية لها اجنداتها ومصالحها في قلب نظم الحكم او الابقاء عليها ..ولكن في كل الحالات لا يختلف عاقلان في ان الشعوب الافريقية لاتقل معاناة وماسي عن شعوبنا العربية وان معظم انظمتها استبدادية لاتقل استبدادا وظلما وبطشا عن ما جربناه من انظمتنا العربية ..ولربما يصل افريقيا ربيعا منبعه عالمنا العربي ويكون ابهى مثال لمحاربة الظلم والتخلف والجهل والتبعية دون ان ننسى ان النصاب العربي لم يكتمل بعد ذاك ان بلدانا لاتزال على حالها وشعوبها اشبه بشعوب القارة السمراء في السبات والولاء والاستسلام ضمانا للبقاء.
مع تحياتي
