منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-02-05, 17:21 رقم المشاركة : 1



افتراضي الحياة معكِ تنقلب على الجانب الآخر


في حضوركِ الحياة تكون معقودةَ اللسانِ ، لأنكِ تتكلمين عنها بمنطق واضح ، و لأنها تتعرّف على نفسها في حواري معكِ ، الحوار معكِ ينفي كل الشك بمبدأ اللذة وينفي عن الحياة الشخصية خوفها من الجمال والشهوات المفرطة في بهائها، الحياة الشخصية مهما كانت طويلة تبقى ناقصة جدا وموجزة جدا ، إلا إذا تم توسيعها و إطالتها بحلم جميل يجعلها صادقة مع نفسها و لا تفكر في التقوى إلا كمنبع التذاذ ، العلاقة بامرأة مثلكِ تجعلني بملء إرادتي أتكلم عن الأسرار التي يُمنع كشفها ، والتي يعتبرها الآخرون غير قابلة للتوصيل ، ها أنتِ بكل كلامكِ البارع في الدمج بين الحياة و الحب تغيِّرين نبرتي المكتسبة بفعل الكتابة ، لم أكن أعرف أن هناك نصاً بالغاً ونصاً قاصراً ، الآن فهمتُ أن كل نص لا يتكلم عنكِ هو نص قاصر ، لا يستطيع التمييز بين امرأة ترغب أنتَ في كلامها ، و امرأة تتمسك في حضورها بكلامكَ الخاص ، الحب الغارق في فتنته بنفسه هو الحب الذي تنحاز فيه لأفكار من تحب عن الحياة حتى ولو كانت ضدك ، أنتِ تساعدين الحياة على أن تحلم ، على أن تعرف ، على أن تكتب ، فالحياة إما أن تكون في أسرار الطبيعة أو في أسرار الكلام ، لكنها اختارت أن تكون فيكِ أنتِ ، في نصي البالغ النضج والجنون لأنه يتكلم عن متعة مشاركتكِ زحزحة الألم عن مكانه ، زحزحة ثوابت الحياة عن العلب المكرسة فيها منذ مدة طويلة ، يقال أن السيرة الذاتية هي التحدث بطريقة أخرى ، أنتِ وحدكِ لساني الذي أتحدث به بطريقة أخرى ، السيرة تحتاج لشخص تكون هي حياته ، لهذا أنا أكتب بكلماتكِ سيرة حياتي ، بلسانكِ المبتلّ بما يلتقطه من حناني أكتب كل الجهد الذي بذلته لمعرفة المزيد ، كل الحزن الذي عرفته لإخفاء فكرتي الصعبة جدا عن نفسي ، كل السخرية من الحياة بذوقها الغريب لاختيارها عدم فهمها بشكل مباشر ، مَن غيركِ يعلم ما كنتُ أخفيه أو أرجوه في هذه السيرة ، كأني و أنتِ تتكلمين عن نفسكِ أرى حياتي وهي مزروعة في مكان آخر ، هناك في قلبكِ ، حياتي وهي مغسولة بقطرات مطركِ و متلفعة بغيومك ولها جمال وروعة سرد الخريف كحكاية، كنتُ قبلكِ أكتفي بحياة مقسمة على صفر لا هي جميلة ولا قبيحة فقط مؤلمة ولها شكل إنساني ، لها طعمُ أيامٍ كثيرة مرت بالرغم عنها لأنها لم تكن مكتملة ولا هي حلوة ولا مرّة، لوجوه عبرتني لها صورة أحصنة هائجة ومسرعة نحو مكان لا تنال فيه الصفح ولا ترتكب فيه ذنباً، سيرتي بدونكِ حجرة سرية فيها الكثير من الخسارة التي كنت أظن أنها لا تُعوض ، فيها الكثير من المحاولات لمعانقة شخص مطلقٍ ليست الكتابة سوى دعوة له ، شوق له ، وتوق لوجوده ، دائما كنت أتمنى توسيع سيرة حياتي بحلم ، بامرأة تشبه جوليان مور في فيلم (the kids are all right ) ، امرأة وقع في حبها كل الرجال والنساء الذين قابلوها ، امرأة قريبة من الله كملاك ، وتهتم بالرذيلة كشيطان ، معلقة مع الحياة بين السماء و الأرض كهاروت وماروت تقول للناس: إنما أنا فتنة ، لكنهم يهرولون في اتجاهها تاركين خلفهم بقايا طيبة مزيفة و أخلاقاً ليست سوى أكاذيب ، أنتِ هنا الآن في المكان الذي تستحقينه وتحبين أنتِ أن تكوني فيه : أنتِ هنا في قلبي .
ماذا لو كتب كل الناس سيرة حياتهم ؟ ما الذي يستحق الكتابة ؟ من سيكون البطل؟ مَن الجدير بذكره ومن سيستحق إهماله ؟ الكتابة لا تهتم سوى بالألم والجمال والفضيحة ، الكتابة لا تهتم بمن يجلس على كرسيٍّ ويستغرق في أحلام اليقظة ، هذا ما يفعله كاهن بدائي مكبوت جنسيا ، لا يكتب سيرة حياته من اكتفى بلعب دور صامت على مسرح الحياة ، السيرة الذاتية تحتاج لحياة قرصان و امرأة تحبها لدرجة أنكَ تشعر معها بعدم القدرة على حب أي شخص آخر ، فيتحول كل الناس إلى أعدائك ، أحبكِ بهذه الطريقة المتوحشة والغجرية ، أحبكِ و أنتِ تهمسين في أذني: ليس هناك أحلام مشكوك في تحقيقها أيها القرصان ، أعرف أنكَ سافرت إلى تلك البحار البعيدة ، جرّبتَ الحب المدفوع الأجر ، جربت الحب الذي يشبه الحُمّى ، جربت تأجيل الموت بقبلة من سيدة عديمة الرحمة ، جربت السكر مع امرأة نسيَتْ عشاقها وتذكرتْ أنها معكَ ، عرفتَ الحانات كما عرفت المساجد ، عرفت جمال لحظة الاحتضار ومأساة لحظة الولادة ، عرفت كيف تكون ساذجاً من باب المجاملة لصديق ، وكيف تكون صادقاً من باب التضامن الماكر مع عدو ، أنتَ عشتَ مثلي أنا ، هل سبق و أن رأيتَ قديسة يشتعل في قلبها نزقها ، اندفاعها ، جنونها كقنديل الزيت في ظلام دامس ؟ أنا قنديلك وزيتك ، هنا تعال انزل بقدميك على أرضي ، ليس عليك أن تفهم الجغرافية ولا أن تقرأ التاريخ كي تسكنني ، فقط اسمع صدى صيحات النساء ، افهم عذابهن ، واقرأ الوحدة ككتاب بين أيديهن ، أنا حبيبتك وهذه أرضي أنتَ في مأمن من الظنون ، من الحيرة ، و لا تصدق قاموس العلوم الطبية الذي يقول :إن شبق المرأة يساوي وسطيا شبق رجلين ونصف ، هذا قول مائل عما يمكن أن يقوله ، أنا شبق كل الرجال وكل النساء فتعال وتعلم كيف تغذي الغضب بتلاحم حميم ، كيف كان يمكن لي كتابة سيرتي بلا وجودك الذي يسكت صوت الفراغ الذي يستحيل ملؤه أو إخفاؤه ، كيف كان يمكن أن تمر حياتي تحت نظري إذا لم ترفعي خصلة شعركِ إلى الخلف بهدوء و أنتِ تقولين : الأشياء من حولي تبكي زوالها كما تبكي ظهورها ، لم أكن لأحبكَ لولا أنكَ الكلمة الأخيرة قبل تدمير كل شيء ، ألم تقل مرةً أن الكتابة سلوك ، وأنها رؤية الأشياء كما هي والناس كما هم ، أنا لم أكن لأحبكَ بهذا الجنون لو لم أكن أنا أسلوبك ، أنا ما لا يمكن التعبير عنه أو صياغته ، أنا رغبتك الملحة في كتابتي وقد تحولتُ إلى نار عذبة يُكوى بها قلمكَ ، أنا فضولك الذي لا يُقاوم وتعاطفك مع الآخرين الذي يجعلك تغيب عن ذاتك ، ما كنتُ لأحبك لو لم تكن مفتوناً بالكلام عن تعب الناس وعذابهم ، وسأحبك أكثر لو جردتَ العالم من ملابسه تجريدا كاملا وفضحته وجعلتَنا نستمتع ونحن ننظر إلى عورته السخيفة ، أعلم أن هذا هو موضوع سيرتك الذاتية ، أنا كضمير مستتر لا يمكنك البوح به ، و أنتَ ضمير المتكلم الذي يتمنى أن يكون ملاكاً لكنه يخضع لشهوة التدمير بشكل مستمر ، وذاك العصي على الفهم أو ضمير الغائب لعالم يرغب في إلغائك وإفنائي ، بعيدا عنكِ أنتِ كانت سيرتي ستكون مملة ولن يكون من شيء جميل فيها غير اعترافي بأني أبلهٌ ، سيخونني أسلوبي إذا لم تضحكي تلك الضحكة الصافية ، ستكون الأسطر خرقاء إذا لم تشبه حاجبيك عندما ترفعينها وأنت تسخرين من الحياة وهي متعبة بسبب بقائها لفترة طويلة على هذا الجانب من العذاب ، ستكون سيرتي أجمل عندما ستساعدين أنتِ الحياة لتنقلب بكل جمالها على الجانب الآخر ، هناك على جانب جنوني بكِ .



  رد مع اقتباس
قديم 2012-02-06, 16:47 رقم المشاركة : 2

افتراضي


ما أروع معاني هذه الكلمات ، كل تقديري لمثل هذه الأقلام..





  رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:00


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت