منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > التكنولوجيا والاقتصاد - ثقافة عامة
التكنولوجيا والاقتصاد - ثقافة عامة يشمل جميع المواضيع العلمية والمتعلقة بالتكنولوجيا والإقتصاد والقانون


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-13, 17:49 رقم المشاركة : 1



Thread Dot 16 الــكــواكــب الـمـهـاجـرة !!!!!!!!!



الــكــواكــب الـمـهـاجـرة

من السمات المرئية المألوفة للنظام الشمسي أن كل كوكب يسير حول الشمس في مداره (فلكه) المحدد تماما، بحيث يحافظ على مسافات مقننة تفصله عن جيرانه. وقد حافظت الكواكب على دورانها السماوي هذا منذ أن بدأ الفلكيون بتسجيل حركاتها، كما أن النماذج الرياضياتية تبين أن هذا التشكيل المستقر تماما لمدارات هذه الكواكب ظل موجودا طوال كامل تاريخ النظام الشمسي الذي يقدّر طوله بنحو 4.5 بليون سنة. ومن ثم فمن الطبيعي الافتراض أن الكواكب «وُلِدَتْ» في المدارات التي نرصدها الآن فيها.
ومما لا شك فيه أن هذه هي أبسط الفرضيات. وقد قبل الفلكيون المعاصرون عموما أن المسافات المرصودة التي تفصل الكواكب عن الشمس تحدد أماكن ولادتها في السديم الشمسي، وهو القرص البدائي من الغاز والغبار الذي نتج النظام الشمسي منه. وقد وفرت أنصاف أقطار مدارات الكواكب الوسيلة لاستنتاج توزع الكتل داخل السديم الشمسي. واستنادا إلى هذه المعلومات الأساسية، استخلص العلماء النظريون وجود قيود على طبيعة تكوّن الكواكب وعلى المُدَد التي استغرقتها في تكوّنها. ومن ثَمّ فإن قدْرا كبيرا من فهمنا لبواكير تاريخ النظام الشمسي يُبْنى على الفرضية التي مفادها أن الكواكب تكوّنت أصلا في مداراتها الحالية.
بيد أنه من المقبول على نطاق واسع أن كثيرا من الأجسام الأصغر حجما في النظام الشمسي ـ النجميات والمذنبات وأقمار (توابع) الكواكب ـ غيّرت مداراتها خلال الأربعة بلايين سنة ونصف البليون السابقة، وأن هذه التغيرات كانت، في بعض الحالات، أكثر إثارة مما هي في حالات أخرى. وهلاك مذنب شوميكر-ليڤي 9 Shoemaker- Levy إثر صدمه لكوكب المشتري عام 1994 يمثل دليلا ساطعا على الطبيعة الدينامية (التحريكية) لبعض أجسام النظام الشمسي. بل إن ثمة أجساما أصغر ـ تقدّر أقطارها بالمكرونات والمليمترات، كالجسيمات بين الكوكبية التي تنفصل عن المذنبات والنجميات ـ تخضع لتغيرات مدارية تدريجية، إذ تتحرك حركة لولبية سلسة
نحو الشمس ثم تستقر على بعض الكواكب التي تصادفها.



وفضلا على ذلك، فقد تغيرت مدارات أقمار الكواكب تغيرا كبيرا منذ تكوّنها. وعلى سبيل المثال، يُعتقد أن القمر تكوّن بعيدا عن الأرض بمسافة قدرها 30000 كيلومتر (00 186 ميل) ـ لكنه يبعد عنها الآن
000 384كيلومتر. لقد تراجع القمر بنحو000 100 كيلومتر في البليون سنة السابقة فقط بسبب القوى المدّيّة [وهي عزوم دوران (ازدواجات) torques تثاقلية صغيرة] التي تمارسها أرضنا. كذلك، فإن كثيرا من توابع الكواكب الخارجية تدور واحدة إثر الأخرى لا تفصل بينها مسافات كبيرة. فمثلا، إن الدورة المدارية لگانيميد Ganymede، وهو أكبر أقمار المشتري، تعادل ضعف الدورة المدارية ليوروپا Europa الذي تبلغ دورته المدارية ضعف الدورة المدارية لأيو Io. ويُعتقد أن هذا التزامن الدقيق هو نتيجة لتطور تدريجي في مدارات التوابع سبّبته القوى المدية التي تمارسها الكواكب على التوابع التي تدور حولها.
وحتى عهد قريب، لم يجر التطرق، إلا بقدر محدود، إلى الفكرة القائلة بأن تشكل configuration مدارات الكواكب مرّ بتغيرات جوهرية منذ تكوّنها. بيد أن بعض التطورات اللافتة للنظر خلال السنوات الخمس الماضية تشير إلى أن الكواكب ربما ارتحلت فعلا من مداراتها الأصلية. وقد بيّن اكتشاف حزام كويپر Kuiper belt أن نظامنا الشمسي لا تقف حدوده عند پلوتو، فهناك ما يقرب من 000 100 «كوكب صغير» جليدي (تقع أقطارها بين 100 و 1000 كيلومتر) وعدد أكبر من الأجسام الأصغر، تشغل منطقة تمتد من مدار نپتون ـ الذي تفصله عن الشمس مسافة تقدّر بنحو 4.5 بليون كيلومتر ـ امتدادا يعادل ضعف هذه المسافة على الأقل. ويُبرز توزع هذه الأجسام سمات جلية غير عشوائية يعجز النموذج الحالي للنظام الشمسي عن تفسيرها بسهولة. وتوحي النماذج النظرية لأصل هذه الخواص الفريدة باحتمال مثير للاهتمام مفاده أن حزام كويبر يحمل بصمات للتاريخ المداري للكواكب الغازية العملاقة ـ وبالتحديد أن هذا الحزام يحتفظ بدليل على انتشار بطيء لمدارات هذه الكواكب حدث عقب تكوّنها.
وأكثر من ذلك، فإن الاكتشاف الحديث لكواكب عديدة بحجم المشتري تدور حول نجوم قريبة شبيهة بالشمس في مدارات صغيرة بصورة غير عادية، هو حدث ركز الاهتمام أيضا على هجرة الكواكب. وإنه لأمر صعب أن نفهم تكوّن هذه الكواكب المزعومة على مثل هذه المسافات الصغيرة من النجوم الأم (التي تدور حولها). وقد ذهبت بعض الفرضيات حول أصلها إلى أنها تنامت على مسافات أكبر تفصلها عن النجوم الأم ـ وهي مسافات تقارب البعد بين المشتري والشمس ـ ثم هاجرت إلى مواقعها الحالية.
حتى بضع سنوات فقط، كانت الأجرام الكوكبية الوحيدة المعروفة فيما وراء نپتون هي پلوتو وتابعه شارون. وقد ظلت حالة پلوتو زمنا طويلا تتعارض مع النظريات السائدة حول أصل النظام الشمسي، فهو أقل ضخامة بآلاف المرات من الكواكب الأربعة الغازية العملاقة الخارجية، ومداره مختلف جدا عن مدارات الكواكب الرئيسية الثمانية الأخرى شبه الدائرية، والموجودة تقريبا في مستوى واحد، والمنفصلة انفصالا كبيرا بعضها عن بعض. إن مدار پلوتو ذو اختلاف مركزي eccentric: ففي دورة واحدة كاملة له حول الشمس، يتغير بعده عنها من 29.7 إلى 49.5 وحدة فلكية (1). ثم يرتفع في مداره 8 وحدات فلكية فوق المستوي الوسطي لمدارات الكواكب الأخرى وينخفض 13 وحدة فلكية (1) تحت هذا المستوي (انظر الشكل في هاتين الصفحتين). وطوال نحو عقدين من دورته المدارية، التي قدرها 248 سنة، يظل پلوتو أقرب إلى الشمس من نپتون.
متوسط البعد عن الشمس (مقدرا بالوحدات الفلكية)
يبين هذا المخطط هجرة كواكب النظام الشمسي في الوقت الذي تكوّنت فيه هذه الكواكب (أعلى اليسار)، وفي الوقت الحالي (أسفل اليسار). ويُعتقد بأن مدار المشتري تقلّص تقلصا طفيفا، في حين توسعت مدارات زحل وأورانوس ونپتون. (لم تتأثر منطقة الكواكب الداخلية بهذه العملية إلا تأثرا طفيفا.) وطبقا لهذه النظرية، كان پلوتو يتحرك في الأصل في مدار دائري. ومع ارتحال نپتون باتجاه الخارج فقد دفع پلوتو بقوة إلى مدارٍ برنين 2:3، وبالتالي فإن دورته تتناسب مع دورة نپتون (في الأعلى). وقد أجبرت ثقالة نپتون مدار پلوتو ليصبح ذا اختلاف مركزي أكبر، وأشد ميلا على مستوي مدارات الكواكب الأخرى.
وفي العقود التي تلت اكتشاف پلوتو عام 1930، ازداد الغموض الذي يكتنف هذا الكوكب. وقد وجد الفلكيون أن معظم المدارات التي تقطع مدار نپتون غير مستقرة ـ فالجرم الذي يسير في مثل هذه المدارات إما أن يصطدم بنپتون، وإما أن يُقذف به من النظام الشمسي الخارجي خلال زمن قصير نسبيا، طوله عادة أقل من 1 في المئة من عمر النظام الشمسي. لكن المدار المتميّز الذي يسبح فيه پلوتو والقاطع لمدار نپتون محمي من الاقترابات الكبيرة من العملاق الغازي بسبب ظاهرة تسمى تَرجُّح الرنين resonance libration. إن پلوتو ينجز دورتين حول الشمس خلال الزمن الذي ينجز فيه نپتون ثلاثا؛ ومن ثم يقال إن مدار پلوتو يوجد في حالة رنين 2:3 مع مدار نپتون. وتضمن الحركتان النسبيتان للكوكبين أنه عند اجتياز پلوتو لمدار نپتون، فإنه يكون بعيدا جدا عن الكوكب الأكبر. وفي الواقع، فإن المسافة بين پلوتو ونپتون لا تقل أبدا عن 17 وحدة فلكية.
وفضلا على ذلك، فإن حضيض perihelion پلوتو ـ أي أقرب نقطة من مداره إلى الشمس ـ يقع دوما فوق مستوي مدار نپتون، وهذا يحافظ على الاستقرار المداري الطويل الأمد لپلوتو. هذا وإن المحاكيات الحاسوبية للحركات المدارية للكواكب الخارجية، التي تأخذ في اعتبارها تأثيرات اضطراباتها المتبادلة، تشير إلى أن عمر العلاقة بين مداري پلوتو ونپتون يمتد إلى بلايين السنين، وسيستمر بلايين أخرى من السنين. وپلوتو منخرط في رقصة كونية رشيقة مع نپتون تمكّنه من تفادي التصادمات مع العملاق الغازي طوال العمر الكلي للنظام الشمسي.
تُرى، كيف جرت الأمور التي أسفرت عن مثل هذا المدار الغريب لپلوتو؟ لقد أثار هذا السؤال في الماضي عدة تفسيرات حدسية، وكانت كلها تتضمن مواجهات كوكبية. بيد أن ثمة تطورات جوهرية حدثت منذ عهد قريب تتعلق بفهم الدينامية المعقدة لظاهرة الرنين بين المدارات، وبتحديد الدور الذي يتسم بالازدواجية في توليد كل من الشواش chaos والاستقرار الاستثنائي في النظام الشمسي. واستنادا إلى هذه المجموعة الجديدة من التطورات، تقدمتُ عام 1993 بفرضية مؤداها أن پلوتو وُلِدَ وراء نپتون في منطقة تفصلها عنه مسافة ليست كبيرة، وأنه كان يسير في البداية في مدار قريب من الدائري وذي ميل طفيف، مثلما هي الحال في الكواكب الأخرى، لكنه نُقِلَ إلى مداره الحالي بوساطة التآثرات التثاقلية الرنينية resonant gravitational interactions مع نپتون. إن إحدى السمات الرئيسية لهذه النظرية هي أنها لا تستند إلى الفرضية القائلة بأن الكواكب الغازية العملاقة تكوّنت مفصولة عن الشمس بنفس مسافاتها (أبعادها) الحالية. وتذهب فرضيتنا، خلافا للفرضيات الأخرى، إلى أنه حدثت هجرة للمدارات الكوكبية في وقت مبكر من تاريخ النظام الشمسي، وأن مدار پلوتو غير المألوف دليل على هذه الهجرة.
لقد بدأت هذه الهجرة في مرحلة كانت فيها عملية تكوّن الكواكب قد اكتملت تقريبا، وليس تماما. وكانت العمالقة الغازية ـ المشتري وزحل وأورانوس ونپتون ـ أنهت تقريبا تكتّلها من السديم الشمسي، ولكن مجموعة متخلفة من الكويكبات planetesimals ـ وهي أجسام جليدية وصخرية، معظمها لا يزيد قطره على بضع عشرات من الكيلومترات ـ بقيت بين هذه العمالقة. أما التطور اللاحق الأبطأ نسبيا للنظام الشمسي فكان يتمثل في تبعثر scattering أو تنامي accretion الكويكبات بفعل الكواكب الرئيسية (انظر الشكل في الصفحة 12). ولأن التبعثر الكوكبي أدى إلى قذف معظم حطام الكويكبات إلى مدارات بعيدة أو غير معروفة ـ خارج النظام الشمسي في معظم الحالات ـ حدث فَقْد محسوس للطاقة المدارية والزخم الزاوي من مدارات الكواكب العملاقة. ولكن كتلها المختلفة والمسافات المتفاوتة التي تفصلها عن الشمس، جعلت تقاسم هذا الفقد غير متساو بين الكواكب العملاقة الأربعة.
لننظر، بوجه خاص، في التطور المداري لنپتون، وهو أبعد الكواكب العملاقة حينما كان يبعثر سرب الكويكبات الواقعة في جواره. ففي البداية، كانت الطاقة المدارية النوعية المتوسطة للكويكبات (أي الطاقة المدارية لوحدة الكتلة) مساوية للطاقة المدارية النوعية المتوسطة لنپتون نفسه، ومن ثم فلم يكسب نپتون أو يفقد طاقة من التآثرات التثاقلية مع هذه الأجسام. بيد أن سرب الكويكبات قرب نپتون استُنْزِف في وقت لاحق من الأجسام المنخفضة الطاقة التي انتقلت إلى المجال التثاقلي للكواكب العملاقة الأخرى. وقد جرى قذف معظم الكويكبات هذه في نهاية الأمر خارج النظام الشمسي بوساطة المشتري الذي هو أثقل الكواكب جميعا.
وهكذا، وبمرور الوقت، تجاوزت الطاقة المدارية النوعية للكويكبات التي قابلها نپتون الطاقةَ المدارية النوعية لنپتون ذاته. وخلال التبعثرات التالية، كسب نپتون طاقة مدارية وهاجر باتجاه الخارج. كذلك، فإن زحل وأورانوس كسبا طاقة مدارية وارتحلا بحركة لولبية نحو الخارج. وبالمقابل، فإن المشتري فَقَدَ طاقة مدارية، ووازَن فقده هذا ما كسبته الكواكب الأخرى والكويكبات، مما أدى إلى الحفاظ على الطاقة الكلية للنظام. بيد أنه لما كان المشتري ثقيلا جدا ومتزودا بطاقة مدارية وزخم زاوي كبيرين، فإن تأثر مداره كان ضئيلا.
كان أول وصف لاحتمال حدوث مثل هذه التعديلات الدقيقة في مدارات الكواكب العملاقة في مقالة نُشرت عام 1984 ولم تلفت إليها انتباها يذكر، كتبها < A .J. فرنانديز> من أوروگواي و< H-W. إپ> من تايوان، وهما فلكيان كانا يعملان معا بمعهد ماكس پلانك في ألمانيا. وبقي بحثهما هذا مغمورا ولم يعلّق عليه أي من العلماء النظريين الذين يدرسون تكوّن الكواكب، وربما كان سبب ذلك أن البحث لم يدعم بأي أرصاد ولم يتوصل إلى نتائج نظرية.
وفي عام 1993 قدمتُ نظريةً تنص على أنه بينما كان مدار نپتون يتوسع ببطء، فإن المدارات الرنانة مع مدار نپتون كانت تتوسع أيضا. وفي الحقيقة، فلا بد من أن تكون هذه المدارات اندفعت بقوة عبر پلوتو، بافتراض أن هذا الكوكب كان أصلا يسبح في مدار قريب من الدائري، ميله صغير، ويقع وراء نپتون. وقد بيّنتْ حساباتي أن هناك احتمالا كبيرا بأن أي أجسام من هذا القبيل لا بد من أنها كانت معرضة باحتمال كبير لأن «تؤسر» وتُدفع نحو الخارج على طول المدارات الرنينية خلال هجرة نپتون. وفيما كانت هذه الأجسام تتحرك نحو الخارج، فلا بد من أن تكون الاختلافات المركزية لمداراتها وميول هذه المدارات قد أخذت قيما أكبر بفعل عزم الدوران التثاقلي الرنيني الذي يؤثر به نپتون.
(يشبه هذا الأثر الزيادة في سعة نوسان (تذبذب) أرجوحة في ملعب، وذلك بالقيام بدفعها دفعات دورية صغيرة بتردد يساوي التردد الطبيعي للأرجوحة.)
ومن ثم فإن الاختلاف المركزي الأعظم النهائي سيوفّر قياسا مباشرا للمسافة التي ارتحلها نپتون. ووفقا لهذه النظرية، فإن الاختلاف المركزي لمدار پلوتو، وهو 0.25، يوحي بأن نپتون هاجر نحو الخارج مسافة تقدر بخمس وحدات فلكية على الأقل. وفي وقت لاحق، عَدَّلتُ هذه القيمة إلى 8 وحدات فلكية، وذلك بعد الاستعانة بالمحاكيات الحاسوبية، كما قَدّرْتُ أن المدة الزمنية التي استغرقتها الهجرة ينبغي أن تكون في حدود بضع عشرات من ملايين السنين، وذلك لتفسير ميل مدار پلوتو.


نصف المحور الكبير للمدار (بالوحدات الفلكية)
تشغل أجسام حزام كويپر منطقة لها شكل طارة torus واقعة وراء مدار نپتون (في الصفحة المقابلة). وتتنبأ نظرية الهجرة الكوكبية بأن ثمة تركيزات لهذه الأجسام موجودة في مدارات يوجد رنين بينها وبين مدار نپتون (داخل الأقواس الزرق في الشكل العلوي). وتدل الأرصاد الحديثة على أن نحو ثلث أجسام حزام كويپر المعروفة مداراتها (النقاط الحمر) تسير في مدارات لها رنين 2:3، وهي بالتالي شبيهة بمدار پلوتو (الصليب الأخضر). ومن المتوقع ألا يعثر إلا على عدد ضئيل من الأجسام في المدارات القريبة جدا من مدار نپتون (المنطقة المظللة).
وبالطبع، فلو كان پلوتو هو الجسم الوحيد الموجود وراء نپتون، لبقي هذا التفسير لمداره غير قابل للتحقيق، وذلك على الرغم من كونه مثيرا للاهتمام في كثير من تفصيلاته. لكن هذه النظرية تقدم تنبؤات محددة حول توزع مدارات الأجسام في حزام كويپر، وهو ما تبقى من القرص البدائي من الكويكبات الصغيرة وراء نپتون [انظر: «حزام كويپر»، مجلة العلوم، العددان 11/12(1996)، ص 52]. وبافتراض أن أكبر الأجسام في حزام كويپر البدائي كانت صغيرة جدا إلى درجة تجعلنا نهمل الاضطرابات التي تحدثها في الأجسام الأخرى في الحزام، فإن الآلية الدينامية للدفع الرنيني لن تؤثر في پلوتو فحسب، بل أيضا في جميع الأجسام التي تتجاوز مدار نپتون، إذ تزيحها عن مداراتها الأصلية. ونتيجة لذلك، سوف توجد تركيزات مهمة للأجسام في مدارات ذات اختلاف مركزي عند أشد رنينين لنپتون، وهما 2:3 و 1:2. وهذه المدارات هي قطوع ناقصة أنصاف محاورها الكبيرة (2) تبلغ 39.5 وحدة فلكية و47.8 وحدة فلكية على التوالي.
وستوجد تركيزات أكثر تواضعا من الأجسام التي تجتاز مدار نپتون برنينات أخرى مثل 3:5. هذا وإن طائفة الأجسام الأقرب إلى نپتون من تلك التي لها المدار الرنيني 2:3 ستُستنزف بشدة بسبب تراجع الرنين resonance sweeping الذي يعم تلك المنطقة، وأيضا لأن الاضطرابات التي يُحدثها نپتون ستؤدي إلى عدم استقرار مدارات أي أجسام متبقية. وبالمقابل، فإن الكويكبات التي تنامت على مسافة تتجاوز 50 وحدة فلكية من الشمس يُتوقع ألا تتعرض لاضطرابات شديدة، وأن تكون ما انفكت تدور في مداراتها التي كانت تسلكها في توزعها البدائي.


ولحسن الحظ
فإن الأرصاد الحديثة التي أُجريت لأجسام حزام كويپر وفرت وسيلة لاختبار صحة هذه النظرية. وقد اكتُشف أكثر من 174 من هذه الأجسام بحلول منتصف عام 1999، وكان لمعظمها دورات مدارية تزيد على 250 عاما، ومن ثم فقد جرى تعقّبها في أقل من 1 في المئة من مداراتها. ومع ذلك، فقد أمكن تحديد وسائط parameters مدارية موثوقة إلى حد معقول لخمسة وأربعين من هذه الأجسام (انظر الشكل في الصفحة المقابلة). والتوزع المداري لهذه الأجسام ليس له نمط مدارات منتظمة قريبة من الدائرية وصغيرة الميل كما يُتوقع من مجموعة بدائية من الكويكبات التي لم تتعرض للاضطرابات. وبدلا من ذلك، فإننا نعثر على دليل قوي على وجود فجوات وتركيزات في هذا التوزيع. وثمة قسم كبير من أجسام حزام كويپر هذه يتحرك في مدارات على هيئة قطوع ناقصة وبرنين 2:3، وهي تشبه مدار پلوتو. ثم إن أجسام حزام كويپر الموجودة في مدارات داخل المدار 2:3 غير موجودة تقريبا ـ وهذا ينسجم مع تنبؤات نظرية تراجع الرنين resonance sweeping.
ومع ذلك، فمازال ثمة سؤال مهم: هل توجد أجسام في حزام كويپر في الرنين 1:2 عددها قريب من تلك الأجسام في الرنين 2:3، كما تقتضي نظرية هجرة الكواكب؟ وما نمط التوزع المداري على مسافات أبعد عن الشمس؟ في الوقت الحاضر، يمكن القول بأن إحصاء أجسام حزام كويپر بعيد عن الكمال، ومن ثَم فلا يمكن تقديم جواب شاف عن هذا السؤال. بيد أن مركز الكواكب الصغيرة Minor Planet Center، في كامبردج بولاية ماساتشوستس، أعلن عشية عيد الميلاد من عام 1998 أنه اكتشف أول جسم في حزام كويپر يدور برنين 1:2 مع نپتون. وبعد يومين أعلن المركز عن رصده جسما آخر هناك يسير في مدارٍ رنينه 1:2. ولكل من هذين الجسمين اختلاف مركزي كبير، وقد يتبين أنهما جسمان ينتميان إلى طائفة كبيرة من أجسام حزام كويپر التي تسير في مدارات مماثلة. وقد حُدِّدَ في البداية أن هذين الجسمين يسيران في مداريهما برنينين 2:3 و 3:5 على التوالي، لكن الأرصاد الحديثة التي أُجريت عام 1998 بينت بقوة أن التحديدات الأولى كانت غير صحيحة. وتؤكد هذه الحادثة العرضية الحاجة إلى التعقب المتواصل لأجسام حزام كويپر المعروفة بغية تحديد توزعها المداري بدقة. ويتعين علينا أيضا الإقرار بأخطار المبالغة في تفسير مجموعة بيانات، مازالت قليلة، عن مدارات أجسام حزام كويپر.
واختصارا نقول إنه على الرغم من عدم إمكان استبعاد تفسيرات أخرى، فإن التوزع المداري لأجسام حزام كويپر يوفّر شواهد قوية متزايدة على هجرة الكواكب. وتوحي البيانات بأن نپتون وُلِدَ بعيدا عن الشمس مسافة قدرها 3.3 بليون كيلومتر، ثم ابتعد عنها نحو 1.2 بليون كيلومتر آخر ـ وهذه رحلة طولها يعادل زهاء 30 في المئة من نصف قطر مداره الحالي: وفيما يخص أورانوس وزحل والمشتري، كان حجم الهجرات أصغر، وربما كانت بنسب 15 و 10 و 2 في المئة على التوالي. وتجدر الإشارة إلى أن التقديرات أقل وثوقية في حال هذه الكواكب الثلاثة، وذلك يعود إلى أنها، خلافا لنپتون، لم تستطع أن تخلّف بصمة مميزة مباشرة في مجموعة أجسام حزام كويپر.
لقد حدثت معظم هذه الهجرات خلال مدة تقل عن 100 مليون عام، وهذه تعدّ مدة طويلة إذا ما قارناها بالمدة التي استغرقها تكوّن الكواكب ـ التي طولها، على الأرجح، أقل من 10 ملايين سنة ـ ولكنها مدة قصيرة مقارنة بعمر النظام الشمسي الذي هو 4.5 بليون سنة. وبعبارة أخرى، فإن هجرة الكواكب حدثت في بواكير تاريخ النظام الشمسي، ولكن في المراحل المتأخرة من عملية تكون الكواكب. لقد كانت الكتلة الكلية للكويكبات المبعثرة نحو ثلاثة أمثال كتلة نپتون. ويرد هنا السؤال عمّا إذا كان من الممكن حدوث تغيرات مدارية أعنف في النُّظُم الكوكبية في أزمنة أبكر، حين كان القرص البدائي المكوّن من الغبار والغاز يحوي مادة أكثر، وربما قدرا أكبر من الكواكب البدائية protoplasmic، في مدارات قريبة تتنافس فيما بينها في عملية التنامي.


مـــنــقــول
أتمنى ان ينال اعجابكم الموضوع




  رد مع اقتباس
قديم 2010-05-13, 20:48 رقم المشاركة : 2

افتراضي


بارك الله فيك على مجهودك الطيب ، بالفعل مواضيع ثرية تسر القارئ و تزيد من زاد معرفته
أدام الله قلمك شامخا مستمرا




  رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:02


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت