خطأنا جميعا و تتوالى المشاهد التي تنبع من الواقع .. ذاك الواقع المرّ ..

و تتوالى المشاهد التي تنبع من الواقع .. ذاك الواقع المرّ ..

كانت إحدى العائلات الفتية تحتفل بدخول وحيدتهم المدرسة الإبتدائية سنة أولى .. كان الأب منتشيا بهذا الحدث السعيد .. كان يقول

أريدها ... طبيبة .. لا لا .. مهندسة .. لا بل .. و يغوص في أحلامه .. بينما الأم تعد نفسها لجمه جهازها كي تزفها لفتى أحلامها .. و كانت الأسرة تراقب خطواتها الأولى في المدرسة و كلها أمل و طموح .. فرح و سعادة ..

لكن ما لم يخطر ببال أحد .. أو أن ما نتناساه جميعا .. أن الكلاب السائبة تحوم حول كل أمل و حلم .. تلك الوحوش البشرية التي تنهش اللحم و العظم يعج بها واقعنا .. نريد دائما أن نسدل عليها الستار كي نواري سوأتنا ..

شلة من تلك الصعاليك .. كانت تمشط الطرقات عربدة .. لمحوا تلك البريئة تتجه نحو المدرسة .. لم يروا فيها براءتها و لا طبيبة المستقبل و لا عروسا على فرس أبلج .. بل كل ما رأوه شهوتهم .. غريزتهم التي أعمت أبصارهم ..

إختطفوها إلى مكان بعيد و كتموا صرخاتها ... إغتصبوها و تبادلوا عليها و لم تؤثر فيهم صرخاتها و لا دموعها و لا حتى أقلامها و أوراقها التي نثرت و تطايرت .. و بعدما أشبعوا شهوتهم الحيوانية تركوها طريحة أرضا ترتعش .. تركوها و فروا ..

بقيت الصغيرة تحت تأثير الصدمة لمدة ثم أفاقت و بدأت تمشي بصعوبة و لا تعلم أين هي .. و لا تعلم ماذا فعلوا بها .. هي أصلا لا تعرف معنى كلمة إغتصاب .. و لم تسأل أمها بعد كيف يصنع الرضيع ..

وجدها أحد أقاربها أرضا قرب أحد الطرقات العامة .. نقلها سريعا إلى البيت و لم يستطع أن يفهم ما أصابها .. فزعت الأم لهول ما رأت من حال وحيدتها .. إتصلت بأبيها و جاء بأسرع ما أتاحت له قدرته ..

سألوها و سألوها .. و هي لا تجيب .. هي لا تعرف بما تجيب ..

أصاب الصغيرة نزيف و سالت الدماء و نقلوها إلى المشفى .. و أكثر المتشائمين ما كان يتخيل ما وقع .. خرج الطبيب من غرفة الفحص و أخبرهم أن إبنتهم أغتصبت بشكل عنيف و هي في حال سيئة جدا ..


أصيبت العائلة بصدمة .. لم يتحمل الأب الخبر .. كانت كل الأنظار موجهة لغرفة العمليات و لم ينتبه أحد أن المسكين ذهب للحمام ليغسل وجهه .. لكنه لم يتحمل أن ينظر لنفسه في المرآة فأخذ يضرب رأسه على الحائط حتى أردي قتيلا و لم ينتبه أحد ..

كان كل المشفى ينتضر الطبيب .. ممرضون و ساعون .. حتى عمال النظافة كانوا يترقبون .. و الأم تموت في اللحظة ألف ألف مرة حرقة على إبنتها..

و خرج الطبيب

آسف فعلت ما بوسعي ..

أخذت الأم تصيح و تنوح .. الجميع يحاولون أن يهدئوها .. لكن أطبق صمت رهيب بعد صيحة أحدهم

قتيل في الحمام

أسرع الجميع يريد أن يتعرف على القتيل .. عرفوه .. نبهوا بعضهم البعض أن لا يخبر أحد زوجته لكن بعد أن وصلها الخبر ..

أغمي عليها و عندما إستيقضت .. وجدوا أنها جنت .. عقلها لم يتحمل الفاجعة .. الزوج المحب الحنون و البنت الصغيرة .. و هي الآن تقضي بقية حياتها في أحد المصحات العقلية ..


و لا يزال الواقع يسرد و يسرد ..

إني أستحي من نفسي أن اغلطها و أقول ..

إنه خطأ المغتصبين وحدهم

لا إنه خطئي أنا .. خطأك أنت .. خطأنا جميعا ..

نحن من لم تكن لنا بصمة على الواقع .. نحن من سمحنا لهؤلاء أن ينتشروا بيننا .. لم ننقذهم قبل أن يتحولول لوحوش .. لم نردعهم بعدما توحشوا .. بقينا فقط نتفرج و نبكي و لسان حالنا

و أنا آش دخلني

للنتظر إذا حتى نجد أنفسنا نضرب رؤوسنا بالحائط

فــي أمان الله

موضوع جد مؤثر

شكرا جزيلا لك