ابتكر أطباء من بريطانيا ودول أخرى في العالم تقنية جديدة لعلاج سرطان الثدي تقوم على نظام الجرعة الإشعاعية الواحدة تُعطى خلال العملية الجراحية بدل تطبيق برنامج مطوَّل من الجلسات الإشعاعية يمتد لأسابيع.
وقال الباحثون إنهم اختبروا عمليا التقنية الجديدة على أكثر من ألفي مريضة بسرطان الثدي، وذلك من خلال تعريض موضع الإصابة بالورم لدى كل منهن لجرعة واحدة من العلاج بالإشعاع.
وقالوا إنهم وجدوا أن التقنية الجديدة تعادل بفاعليتها اتباع برنامج مطوَّل من الجلسات الإشعاعية لعلاج سرطان الثدي، ناهيك عن حقيقة أنها تناسب المريضات أكثر وتوفر عليهن وعلى الهيئات والجهات الطبية أوقات الانتظار الطويل.
وشددوا على أن التقنية الجديدة آمنة، ويبدو أنها تترك آثارا جانبية على المريضة بشكل أقل، مقارنة بالطريقة التقليدية.
تنفيذ التقنية
لكن، يُعتقد أن يستغرق الأمر سنوات عدة قبل أن تدخل الطريقة العلاجية الجديدة حيز التنفيذ الفعلي على نطاق واسع في العالم.
هذا وقالت مؤسسة أبحاث السرطان في بريطانيا إن التقنية الجديدة، والتي نُشرت نتائج الدراسة المتعلقة بها في مجلة "ذا لانسيت" الطبية المتخصصة، قد يكون لها "أثر هائل على المريضات اللائي يصبن بمثل هذا النوع من السرطان."
يُشار إلى أن العلاج القائم على إزالة الخلاية السرطانية من الثدي عن طريق العمل الجراحي هو نقطة البداية في أي برنامج علاجي للآلاف من النساء عبر العالم.
قتل الخلايا
وغالبا ما يعقب العمل الجراحي ذاك بجلسات تستمر لأسابيع يتم خلالها تعريض كامل الثدي لأشعة خارجية بغية قتل أي خلايا سرطانية يمكن أن تكون باقية فيه.
لكن التقنية الجديدة تتيح للأطباء استخدام آلة متنقلة للعلاج الإشعاعي، ويمكن إدخالها إلى الثدي لاستهداف الجزء المصاب منه بالضبط.
هذا وقد استغرقت الدراسة الجديدة، التي أشرف عليها فريق أطباء من بريطانيا وشملت تسع دول، أربع سنوات من التجارب والاختبارات المتواصلة على نساء مصابات بسرطان الثدي.
وقد وجد الأطباء أن نسبة معاودة إصابة النساء اللائي تتجاوز أعمارهن سن الـ 45 عاما بسرطان الثدي هي ذاتها تقريبا، وذلك بغض النظر عن طريقة العلاج المستخدمة.
طرق ونسب
فقد أحصى الأطباء ست حالات لنساء أُصبن بالمرض مرة أخرى من بين مجموعة النساء اللواتي طُبِّقت عليهن طريقة العلاج بنظام الجرعة الواحدة، وذلك مقارنة بخمس حالات من بين المريضات اللائي خضعن لبرنامج مطوَّل من جلسات العلاج بالأشعة.
إلاَّ أن الباحثين لفتوا الانتباه أيضا إلى أن تقنية العلاج بجرعة واحدة خلال الجراحة تؤدي إلى تجنب التسبب بأذى محتمل لأعضاء أخرى في جسم المريضة، كالقلب والرئتين والمريء، الأمر الذي يمكن أن يحدث خلال تعريض كامل الثدي للإشعاع.
كما أشار الباحثون إلى أن تواتر حدوث أي مضاعفات وآثار سمِّية رئيسية للعلاج بالإشعاع كانت هي ذاتها في كلا المجموعتين، أي من يخضعن لتقنية الجرعة الواحدة والنساء اللواتي يتبعن نظاما مطوَّلا من العلاج بالأشعة.
رأي الاختصاصيين
وتعليقا على التقنية العلاجية الجديدة، قال البروفيسور جيفري توبياس، وهو اختصاصي علاج الأورام بمستشفيات كلية لندن الجامعية والذي كان قد أخضع أول مريضة للعلاج وفق التقنية الجديدة في مستشفى ميدلسيكس السابق بلندن مع زميله الأخصائي بعلم الأورام أيضا جايانت فايديا:
"أعتقد أن السبب بأنها تعمل بشكل جيد هو دقة التقنية العلاجية بحد ذاتها، فهي تقضي على المنطقة المعرضة لأعلى درجة من الخطر، أي الجزء من الثدي الذي استُؤصل منه الورم السرطاني."
بدوره، قال فايديا، وهو أيضا يعمل حاليا كاختصاصي علاج أورام بمستشفيات كلية لندن الجامعية، فقال: "إن التقنية الجديدة قد تعني أن المزيد من النساء قد يتمكنَّ من الاحتفاظ بأثدائهن."
رأي المصابات
أمَّا جوزفين فورد، وهي تبلغ من العمر 80 عاما وكانت قد شُخِّصت حالة إصابتها بسرطان الثدي في شهر فبراير/شباط من عام 2008 وجرى علاجها من الورم بشكل ناجح بتطبيق التقنية الجديدة عليها بعد ثلاثة أشهر من التشخيص فقط، فقالت:
"لقد بسَّطت الطريقة الجديدة كل شيء، وجعلت العملية أقلَّ إيلاما وتسبيباً للصدمة."
وتابعت قائلة إن الطريقة الجديدة جعلت حياتها "أكثر سهولة، لطالما لم يعد يتعيَّن علي العودة إلى قسم العلاج بالأشعة بشكل يومي لخمسة أو ستة أسابيع."
نفس النوع من السرطان
لكن الباحثين أشاروا أيضا إلى حقيقة أن نتائج الدراسة تنطبق فقط على النساء المصابات بنفس النوع من سرطان الثدي الذي أُصيبت به النساء اللواتي خضعن للدراسة التجريبية الجديدة.
من جانبها، قالت كيت لو، مديرة البحوث السريرية في المؤسسة البريطية لأبحاث السرطان: "العلاج بالأشعة فعَّال للغاية، وبالتالي فإن تطوير ذلك بدرجة أكبر هو أفق ينضوي على قدر من الإثارة."
يُشار إلى أن الكشف عن التقنية الجديدة أعقب عدة إنجازات علمية هامة حققها الباحثون في مجال الكشف عن سرطان الثدي وعلاجه.
أبحاث أخرى
فقد أعلن علماء أمريكيون الثلاثاء الماضي عن تطويرهم لقاحا جديدا يمنع سرطان الثدي من التطور والانتشار لدى الفئران.
وقال العلماء إنهم يعتزمون اختبار اللقاح الجديد على النساء أيضا، وإن حذَّروا من التوهّم بشأن توفر اللقاح في المدى المنظور.
كما حدد باحثون بريطانيون الشهر الماضي خمسة أسباب جينية جديدة لإصابة النساء بسرطان الثدي بشكل وراثي، لتصبح بذلك العوامل الجينية المعروفة التي تزيد خطر الإصابة بالمرض في عائلات بعينها 18 عاملا.
ولا تزال الأسباب الرئيسية للإصابة بسرطان الثدي غير معروفة حتى الآن، وإن رأى الباحثون والاختصاصيون أن عوامل الوراثة والبيئة وأسلوب المعيشة قد تلعب دورا.