قصة جميلة
يُحكى أنَّ شاباً بدوياً كانت توصيه أمه دائماً
أن لا يصاحب ( أبو نيتين )
فقال : كيف أعرف أن له نيتين يا أمي
قالت : هو سيخبرك بأن له نيتين من تلقاء نفسه وبلسانه,,,
ماتت أمه فحزن كثيراً وبقي في البيت وحيداً
وبعدها فكر بأن يبيع البيت ويرحل عن الديرة
فاشترى بعيرا وسلاحاً وأخذ باقي المال
وسافر,,,
وفي الطريق لقي رجل مصاب مكسور الساق
يكاد يموت من العطش
فنزل من البعير وأسقاه الماء
وفك عمامته وربط ساق الرجل
وحمله على البعير وسار
وفي أثناء الطريق أخذا يتبادلان أطراف الحديث
فسأله الشاب : ما أصابك وكيف أتيت إلى هنا؟
فقال : كنا في غزوة وانهزمنا
وأصبت في ساقي وهرب عني أصدقائي
فأخذ الرجل المكسور يسأل الشاب عن حاله
فأخبره وقال أمي : كانت توصيني دائماً أن لا أصاحب أبو نيتين
فقال الرجل: أنا لي نيتين
فضحك الشاب وسارا معاً
ووصلوا إلى بئر
فقال المكسور دعني أنزل وأجلب الماء
فقال الشاب : لا أنت مريض أنا سأنزل
فربط الحبل في عنق البعير
ونزل البئر فملأ القربة
ونزل في الثانية لسقي البعير
فلما وصل ركوة البئر (الركوة صخرة بأسفل البئر بجانب الماء)
قطع الحبل "أبو نيتين" ورماه على الرجل
فقال الرجل : يافلان الحبل
فقال : أنا أخبرتك من البداية أن لي نيتين
فقال : البعير والسلاح والمال لك
لكن أخرجني من البئر
قال : لا تقتلني
قال : لك الله وأمانة ما أقتلك
قال : لا
ومشى أبو نيتين
وبقي الرجل بالبئر
وهو يتفكر في مقولة أُُمه أن لا يعاشر أبو نيتين
فلما حل الظلام وانتصف الليل فإذا بطيور
تحط على طرف البئر
فأخذت تتحدث مع بعضها
فإذا هذين الغرابين من الجن!
فقال الأول : فلان هل تعرف بنت الشيخ فلان
قال : نعم
قال : تذكر تلك البنت الجميلة
التي تقدم لخطبتها آلاف الرجال ورفضتهم
قال : نعم أذكرها
قال : عملت لها سحر عظيم
فأصبحت كالمجنونة
تقطع ثيابها وتصيح
ولم يتقدم لخطبتها أحد
وفك هذا السحر جداً بسيط
قال : كيف
قال : يقرأون الفاتحة سبع مرات في ماء ويسقونها البنت فتشفى باذن الله
قال الغراب الثاني:
أنت لم تصنع شيء ياصديقي
هل تذكر مدينة الشيخ حارب المشهورة بالخضرة والمزارع
والماء؟
قال : نعم
قال : صنعت لها سحر عظيم
فجففت ماء الآبار وهي الآن خاوية على عروشها لا يسكنها أحد
قال : كيف؟
قال : سددت الماء بمجمع العيون في البئر الذي يقع تحت الجبل وهو مجمع العيون فأصبح جافا من عملي
وفك السحر جداً بسيط
فقال : كيف؟
قال: يقرأون خواتيم سورة البقرة والمعوذات في ماء ويصبونه على منبع الماء فينفك السحر ويعود يتدفق الماء
الرجل في أسفل البئر يسمع كلام الجن
وهي إشارة على أن الجن لا يرون بالظلام ولا يعلمون الغيب,,,
طلع الصباح فطارت الطيور فمرت قافلة بالبئر
فنزلوا الدلو بالبئر فأخذ الرجل الدلو فقطعه
قالوا ربما جيلان البئر قطعت الحبل
فنزلو الدلو الثاني
فقطعه
والثالث فقطعه
قال كبير القافلة : والله إن البئر فيها بلاء
من ينزل فتشجع أشجعهم قال : أنا أنزل
فلما وصل ركوة البئر فإذا الرجل
فقال : بسم الله أنت جن أم إنس
فقال : يا أخي أنا إنس وقصتي كذا وكذا
فقال : لماذا قطعت الدلو ؟
قال : لو تعلقت بالدلو ورأيتموني
لخفتم وتركتم الحبل فسقطت فمت
وأنا أمتح لكم الماء ( أمتح أي يخرج الماء بواسطة الدلو من البئر )
فخرج الرجل وقال لهم قصته
قالوا : إلى أين أنت ذاهب ؟ قال : إلى مدينة الشيخ حارب
مدينة البنت المسحورة
فقالوا : نحن في طريقنا إليها
فلما وصلوا كان من يستقبل الضيوف
هو شيخ القبيلة
فلما جلسوا عنده وأكرمهم
سمع الرجل صياح بالبيت
قال : يا شيخ ما الأمر؟
قال : هذي بنتي مريضة أصابها بلاء من 4 سنوات
ولم أجد حكيم ولا طبيب إلا وأتيته بها ولكن دون فائدة
قال : مالذي تعطيني إن جعلت بنتك تتشافى؟ قال : لك ماتريد.
فقال : تزوجني بنتك وتعطيني مال
فقال : أبشر لكن هل تقدر؟
قال : هاتوا لي ماء
وكانت البنت تصرخ وتمزق ثيابها
فقرأ به ورش عليها وأسقاها
ففاقت وأخذت تتستر
ودخلت عند النساء
فشفيت
فقال أبوها:
أطلب
فقال: مال وتزوجني إياها
فقال: ولك مني بيت بجواري أيضاً قال : لا
أريد طريق المدينة التي جف ماؤها
قال الشيخ حارب : ماذا تريد من بلد ميت ليس فيه ماء ؟
قال : لي حاجه هناك
المهم تجهز وأخذ زوجته معه ورحل
فلما وصل المدينة
فإذا ليس فيها إلا 3 بيوت والبقية هجروها
ويأتون بالماء من مسافات بعيدة
فذهب إلى بيت الشيخ في المدينة
وقال : ماذا أصاب هذه الديرة
قال : كانت هذه الديرة غنية بالماء والخيرات
ومن 4 سنين أصابها قحط
وجفت مياه الآبار
وهي كما ترى
فقال : ما لي إذا أرجعت ماء الآبار ؟
فقال : لك ماتريد لكن هل تقدر ؟
فقال : أريد مزرعه ومال وبيت
فقال : لك ذلك
فقال : أين البئر الرئيسة (مجمع العيون)؟
فقال: هنا
قال : هاتو لي ماء فقرأ به وصبه على منبع الماء
فانفجر الماء كالنافورة
وعاد الخير
وأخذ مزرعته وعاش مكرم معزز عند الشيخ وأهل المدينة
وفي يوم من الأيام
جاء الرجل ضيف..!
فإذا هذا أبو نيتين
فعرفه الرجل
وقال : فلان هل تذكرني؟
فقال أبو نيتين : لا
قال : أنا أبو نية الذي تركته في البئر
قال : كيف أصبحت كما أرى؟
قال القصة كذا وكذا
فخرج أبو نيتين
فقال الرجل : إلى أين ؟ قال : إلى البئر
قال : يارجل أنتظر وفي الصباح رباح
قال : والله ما أبيت إلا في البئر الليلة
فذهب أبو نيتين
فلما وصل ركوة البئر
وجاء اخر الليل
فإذا بالغرابين
يحطان على البئر
لأنهم يجتمعون عند هذه البئر كل نهاية عام هجري
فأخذوا يتحدثون
قال الأول:
فلان هل تدري ماذا حل ببنت الشيخ حارب؟
قال : ماذا؟
قال : انفك السحر عنها.!
قال الآخر:
وأنا أيضاً المدينة التي كنت أحبس الماء عنها
رجع الماء لها وانفك السحر
قال : والله يافلان
بظني عندما كنا نتحدث في تلك السنة أن شخصا ما كان في البئر
قال : ما رأيك أن ندفن هذه البئر المشؤمة؟
ففوراً دفنوا البئر فوق رأس أبونيتين ...
وهكذا كانت نهاية " أبونيتين "
وعلى نياتكم ترزقون
قصة من التراث روعة
سبحان الرازق^_^