السلام عليكم
قبل حوالي سنة تقريبا كانت الحياة السياسة لعبة حمراء او ّخطا احمرا "..لا يحق لاي كان ان ينبش فيه او يتطاول على من يمارسه او يتعرض لمن جعل لونه على هواه ..احمرا محمرا كالشمس الحارقة او كلهيب النيران العاتية ..وكل من اراد الولوج الى عالم السياسة ولو مجرد ناقد لتلك اللعبة فعليه ان يضبط توجهه من الوهلة الاولى ..عليه ان تقر نفسه ويعترف فكره ان المجال الذي يريد الابحار فيه او تناوله بارائه ومواقفه قد تم تصنيفه ووضع قواعده وبالتالي عليه ان يصنف ويرتب درجاته واركانه تصنيفا عالميا لايخالف مواصفات منظمة ايزو العالمية للجودة ..فالجودة المطلوبة لها ابجدياتها وتعاريفها وهي الولاء للحاكم ومن جاوره والثناء على حنكته وسداد فكره وطيبة قلبه ودقة نظرته للواقع ..وخلاف ذلك تسقط كل المعادلات ولاترتقي الى مصنفات الجودة المرجوة ..ولن ينال تجارها وصانعيها من الحكمة والابداع غير اوسمة الخيانة والعمالة وماشابهها من النعوت والصفات واما السابحون الناجحون فهم ارباب النظام وطابوره الخامس المكمل للنقائص والعيوب والمزيف للحقائق وللتاريخ ككل ..هؤلاء كل الخطوط مباحة وليس امامهم من حرج حين يتناولون منها ماجعل لغيرهم ذات لون احمر داكن ..واما بعد الثورة ..اختلطت الالوان الباردة والحارة وامتزجت ببعضها البعض فنتج عنها لونا واحدا وهو الاسود القاتم الداكن ..لم يدم هذا الامر طويلا بل سرعان مااستعادت الالوان مقوماتها ومكوناتها ولكن الحمراء منها عادت للبروز على الساحة بكثافة تنبؤ احيانا بان جهنم قد فتحت ابوابها على مصراعيها لينهم منها العباد ماشاؤوا وما لم يشاؤوا ..وحتى نقف على بعضها ولا نجتر ما ذاع منها وما ظهر وما برز منها ومابطن نتناولها خلاف ماتم تناوله في عناوين قارة وغير مستقرة ..الهوية ..المعتقد ات ..العلمانية . الحداثة ..الشرعية ..السلطة .. ..الحرية ..التحرر ..الالتزام ..التزمت ..السلفية ..الرجعية ..الاعتدال والوسطية ..التطرف ..الارهاب ..الوطنية ..الشفافية والمصداقية ..الانتهازية ..الجدارة ..المواعظ ..الفتاوي ..الحلال والحرام ..الكذب والبهتان ..الحجاب ..النقاب ..وعدد ماشئت منها وما نسيته او تناسيته ..من هنا يطرح الف سؤال بل سؤال وحيد يجمع كافة الاسئلة وهو " اين كان هذا الزخم الهائل من الاختلاف في مجتمع واحد كانت جل فئاته تعيش جنبا الى جنب في امن وامان وسلم وسلام وتعايش قاطع النظير ؟؟؟ دون التعرض الى التفاوتات الجهوية والطبقية في المجمتع ككل ؟ لعل النظام الشمولي الاستبدادي قد وحد بين الجميع وطمس كل الخارجين عنه وعن قانونه المقدس ؟ لعل غياب الاستبداد ولد حرية وتحرر زائدا على اللزوم ؟ لعلها احدى ثمرات الثورة التي بدا نيلها وتذوق طعمها ونكهتها ؟ لعلها مرحلة مخاض عسيرة لم يجربها الشعب منذ الاستقلال ؟ لعله استقلالا حقيقيا بعد الاستعمار الغاشم ؟ فهل يحق لبعضنا ان يتمنى عودة الدكتاتورية حتى ننعم بالهدوء والتعايش السلمي على اختلاف مشاربنا وتوجهاتنا ومواقفنا ؟ مكرهين لامخيرين ومع ذلك لا تكفير ولاتهجير ولا تهكم ولا تطاول ولا تطاحن وتقاتل ؟؟هل يحق لبعضنا ان يتقبل القمع باعتباره ضامنا لامن البلاد والعباد ؟ في المقابل الم تكن الخطوط الحمراء ضامنة لعدم بروز كل مايعكر الحياة العامة للمجتمع ؟ هل هي ضخامة الموروث وثقل التركة التي يتصارع حولها المتصارعون ؟ فهل يحق لبعضنا ان يطالب ببناء اطارا للتعايش السلمي والامني مليئا بالخطوط الحمراء وعلى الجميع احترامها وعدم تجاوزها لسبب او لاخر ؟ لعله الدستور ؟ فالدستور ناله القدح حتى في افضل بنوده ولربما تم شحنه الى المخلوع عبر البريد السريع ؟ وعلينا ترقب ما سيارخه نواب الشعب المنتخبون من دستور جديد قد لايرى النور الا بعد انهاك قواهم في حسم صلاحياتهم وامتيازات كل منهم ؟ واذا عاد الشعب للتظاهر والاحتجاج فانه بذلك خالف الاعراف والقوانين وتجرا على طمس الخطوط الحمراء العائدة للبروز تدرجا وبقوة ؟ وهل تعترف الشعوب الثائرة بالقانون وتلتزم بما يخططه لها سادتهم وساستهم المنزيه والمعصومين من الاخطاء اقتداء بالسابقين المنتهين ؟ واختم الشعب الذي ثار على الدكتاتورية والاستبداد لا يمكنه ان يكون شريكا فعليا في عودة الانظمة القمعية او المساهمة في بنائها ..فاليوم جمر ..وغدا امر.