معجزة الاسراء والمعراج مفصلة و مفسرة للجميع
قصة الإسراء
قال تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير ) . أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وهو بيت المقدس ، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش والقبائل كلها ، فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء ليريه من آياته ما أراد ، ومن قدرته التي يصنع بها ما يريد .
روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : بينما أنا نائم في الحطيم إذ جاني جبريل فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أرى شيئاً ، فعدت إلى مضجعي ، فجاني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئاً ، فعدت إلى مضجعي ، فجاني الثالثة فهمزني بقدمه ، فجلست ، فأخذ بعضدي ، فقمت معه ، فخرج بي إلى باب المسجد فإذا دابة بيضاء يقال لها البراق ، بين البغل والحمار في فخديه جناحان يحفر بهما رجليه يضع يده في منتهى طرفه ، وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله ، فحملني عليه ، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ، وقيل ثم أتي بإناءين في أحدهما خمر وفي الآخر لبن ، فأخذت إنا اللبن فشربت منه ، فقال جبريل عليه السلام : هُديت للفطرة وهديت أمتك يا محمد .
وفي رواية أخرى قيل بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم في الحطيم مضجعاً إذ أتاني آتٍ فقد ما بين هذه إلى هذه فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً نقل قلبي بماء زمزم ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار ابيض يقال لها البرق فحملت عليها فانطلق بي حتى انتهى إلى بيت المقدس …الخ .
قصة المعراج
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أتى بالمعراج ،ولم أر شيئاً قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملكٍ .
فقال وأتى بي إلى السماء الدنيا فاستفتح قيل من هذا ؟ قال : جبريل قيل : من معك ؟ قال : محمد, قيل : وقد أرسل إليه؟ قال : نعم ، قيل مرحباً به فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح . قال ثم رأيت رجالاً لهم مشافر كمشافر الابل ، في أيديهم قطع من نار كالأفهار (حجر علي مقدار ملء الكف) يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم ، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلت أموال اليتامى ظلماً . قال ثم رأيت رجالاً لهم بطون لم أر مثلهما قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة (العطاش) حين يعرضون على النار ، قال : قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء أكلة الربا . ثم قال رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء اللاتي أدخلن على رجال من ليس من أولادهم .
قال : ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت إذا يحي وعيسى وهما أبناء خاله ، قال : هذا يحي بن زكريا وعيسى بن مريم فسلم عليهما ، فسلمت وردا السلام ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ، قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب فسلم عليه ، فسلمت فرد السلام ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال : ثم صعد بي إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال هذا إدريس . قال : ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فاستفتح ، وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت إذا فيها رجل كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون (اللحية) ، لم أر كهلاً أجمل منه قال : قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . قال ثم صعد بي إلى السماء السادسة فاستفتح ، وتكرر نفس الحديث ، فلما خلصت قال هذا أخوك موسى بن عمران فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخل من أمتي . قال ثم صعد بي إلى السماء السابعة ، فاستفتح وتكرر نفس الحديث ، إذا فيها رجل كهل جالس على كرسي على باب البيت المعمور فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك وإذا خرجوا منه لا يعودون إليه قال : قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، فقال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح .
قال ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران ، قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ، قال ثم انتهيت إلى ربي ، وفرضت علىّ خمسون صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى بن عمران فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن الصلاة ثقيلة ، وإن أمتك ضعيفة ، فأرجع إلى ربك ، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، وتكرر ذلك إلى أن أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فقال لي مثل ذلك ، فقلت : قد راجعت ربي حتى استحيت منه ، فما أنا بفاعل . فمن أداهن منكم إيماناً بهن واحتساباً لهن ، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة
وصول النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب
في رواية أنه لما بلغ صلى الله عليه وسلم الحجاب الذي يلي الرحمن ، إذ خرج ملك من الحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبريل من هذا ؟ قال : الذي بعثك بالحق وإني لأقرب مكاناً وإن هذا الملك ما رأيته من قبل . ولما جاوز سدرة المنتهى قال له جبريل : تقدم يا محمد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تقدم أنت يا جبريل أو كما قال ، قال جبريل : يا محمد تقدم فإنك أكرم على الله مني ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل على أثره حتى بلغه إلى حجاب منسوج بالذهب فحركه جبريل فقيل : من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معه ؟ قال محمد ، قال ملك من وراء الحجاب : الله أكبر الله أكبر ، قيل من وراء الحجاب ؟ صدق عبدي أنا الله لا إله إلا أنا ، فقال ملك : أشهد أن محمداً رسول الله ، فقيل من وراء الحجاب ؟ صدق عبدي أنا أرسلت محمداً ، فقال ملك : حي على الصلاة حي على الفلاح ، فقيل من وراء الحجاب : صدق عبدي دعا إلى عبدي ، فأخرج ملك يده من وراء الحجاب فرفعه فتخلف جبريل عنه هناك .
وفي رواية أخرى ما زال يقطع مقاماً بعد مقام وحجاباً بعد حجاب حتى إنتهى إلى مقام تخلف عنه فيه جبريل ، وقال جبريل يا محمد ما منا إلا له مقام معلوم لو دنوت أنملة لاحترقت ، وفي هذه الليلة بسبب احترامك وصلت إلى هذا المقام وإلا فمقامي المعهود عند سدرة المنتهى ، فمضى النبي صلى الله عليه وسلم وحده حتى تجاوز سبعين ألف حجاب ، وبين كل حجاب وحجاب مسيرة خمسمائة سنة ، فوقف البراق عن المسير فظهر له رفرف وذهب به إلى قرب العرش ومنها ترقى حتى وصل إلى منزلة قاب قوسين أو أدنى ، كما قال تعالى : (ثم دنا) أي دنا محمد إلى ربه تعالى أي قرب بالمنزلة والمرتبة لا بالمكان فإنه تعالى منزه عنه ، وإنما هو قرب المنزلة والدرجة والكرامة والرأفة ، (فتدنى) أي سجد له تعالى لأنه كان قد وجد تلك المرتبة بالخدمة فزاد في الخدمة ، وفي السجدة عدة القرب ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه أن يكون ساجداً .
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لله تعالي
سئلت السيدة عائشة هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل ؟ قالت فقد قف شعري مما قلت ، ثم قرأت : (لا تدركه الأبصار) الآية . وعن ابن العباس انه رآه سبحانه بعين رأسه وروى عطاء عنه أنه رآه بقلبه كذا ذكرهما في المدارك ، وعن أبي العالية أنه رآه بفؤاده مرتين ، وروى شريك عن أبي ذر في تفسير الآية : (ما كذب الفؤاد ما رأى) ، وحكى السمرقندي عن محمد بن كعب القرظي وربيع بن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : هل رأيت ربك ؟ قال : رأيته بفؤادي ولم أره بعيني .
الإسراء هل كان بالروح أم الجسد
أنقسم رأي العلماء والسلف إلى ثلاث ، فمنهم من يقول أن الإسراء والمعراج كان بالروح ، ومنهم من يقول كان بالجسد ، ومنهم من يقول كان بالروح والجسد ، وهذا ما ذهب عليه معظم السلف والمسلمين في اليقظة وهذا هو الحق .
ويكفي أن الإسراج والمعراج كان بجسده الشريف لقوله تعالى : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وقوله تعالى : (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى)
قيل أن الحكمة في المعراج أن الله تعالى أراد أن يشرف بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم السماوات كما شرف ببركاته الأرضين فسرى به إلى المعراج ، وسئل أبو العباس الدينوري : لم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل أن يعرج به إلى السماء ؟ فقال : لأن الله تعالى كان يعلم أن كفار قريش كانوا يكذبونه فيما يخبرهم به من أخبار السماوات فأراد أن يخبرهم من الأرض التي قد بلغوها وعاينوها وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيت المقدس قط فلما أخبرهم بأخبار بيت المقدس على ما هو عليه لم يمكنهم أن يكذبوه في أخبار السماء بعد أن صدقوا أخبار الأرض .
الموضع الذي كان منه الإسراء
أن الموضع الإسراء محل خلاف بين العلماء ، فمنهم من قال أسرى به صلى الله عليه وسلم من بيته ، وقيل من بيت أم هاني ، ومن هذين القولين قال : الحرم كله ، والمراد بالمسجد الحرام في الآية هو المسجد نفسه .
ودار أم هاني بنت أبي طالب وأخت علي رضي الله عنه ، تلك الدار التي أضيفت إلى مساحة المسجد وصار محلها عند باب الوداع ، وتبعد أربعين متراً من الكعبة المشرفة .
تاريخ الإسراء و المعراج
أن الموضع الإسراء محل خلاف بين العلماء ، فمنهم من قال أسرى به صلى الله عليه وسلم من بيته ، وقيل من بيت أم هاني ، ومن هذين القولين قال : الحرم كله ، والمراد بالمسجد الحرام في الآية هو المسجد نفسه .
ودار أم هاني بنت أبي طالب وأخت علي رضي الله عنه ، تلك الدار التي أضيفت إلى مساحة المسجد وصار محلها عند باب الوداع ، وتبعد أربعين متراً من الكعبة المشرفة .
تاريخ الإسراء و المعراج
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أسرى به في السنة الثانية عشر من النبوة في شهر ربيع الأول ، وقيل قبل خروجه إلى المدينة بسنة . وقد اختلف العلماء في عام الإسراء والمعراج ومنهم من قال قبل الهجرة بسنة ، ومنهم من قال قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر .
أما شهر الإسراء والمعراج ويومه وليلته كذلك بالتالي كان محل خلاف فقيل ربيع الأول ، وقيل ربيع الآخر ، وقيل شوال .
أما في أي يوم من الشهر كان ؟ قيل ليلة السابع من ربيع الأول ، وقيل ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر ، وقيل ليلة سابع عشر من رمضان .
أما ليلة الإسراء والمعراج فقيل ليلة الجمعة وقيل ليلة السبت ، وقيل ليلة الاثنين … وإنشاء الله يكون ليلة الاثنين ليوافق المولد والمبعث والمعراج والهجرة والوفاة .
عندما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأخبر أهل قريش الخبر، ارتد كثير ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر ، فقالوا له هل لك يا أبي بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة ؟ فقال أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ! قالوا بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ، فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر لياتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعةٍ من ليل أو نهار فأصدقه ، فهذا أبعد مما تعجبون منه ، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله . أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال نعم ، قال يا نبي الله فصفه لي ؟ فإني قد جئته – فقال رسول الله فرفع لي حتى نظرت إليه – فجعل رسول اللهصلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، كلما وصف له منه شيئاً ، قال صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق .
وقيل أن الله أنزل في من أرتد عن إسلامه لذلك : قوله تعالى : (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً)
------------------------------
------------------------------
واليكم الان معجزة الاسراء والمعراج كما رواها الطبراني والبراز
فى حديث لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الاسراء و المعراج
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: أتيت بالبراق-وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه-قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال: فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت.
فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن.
فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال:قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من أنت؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال:قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من أنت؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال:قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف عليه السلام إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال:قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير قال الله عز وجل: ورفعناه مكانًا عليًا.
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال:قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون عليه السلام فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى عليه السلام فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من هذا؟
قال: جبريل.
قيل: ومن معك؟
قال: محمد.
قيل: وقد بعث إليه؟
قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندُا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها.
فأوحى الله إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى عليه السلام فقال: ما فرض ربك على أمتك؟
قلت: خمسين صلاة.
قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم.
قال: فرجعت إلى ربي.
فقلت: يا رب خفف على أمتي فحط عني خمسًا فرجعت إلى موسى.
فقلت: حط عني خمسًا.
قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف.
قال: فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى.
قال: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرًا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئًا فإن عملها كتبت سيئة واحدة.
قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى عليه السلام فأخبرته.
فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه - رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم مر على قوم يزرعون ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال لجبريل عليه السلام: ما هذا؟
قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة إلى سبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين.
ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة.
ثم أتى على قوم على إقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام يأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم فقال: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون زكاة أموالهم وما ظلمهم الله وما ربك بظلام للعبيد.
ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم نيء في قدر خبيث فجعلوا يأكلون من النئ الخبيث ويدعون النضيج فقال: ما هؤلاء يا جبريل؟ قال جبريل: هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً طيبًا فتأتي رجلاً خبيثًا فتبيت عنده حتى تصبح.
ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها.
ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاهم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة.
ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها.
ثم أتى على واد فوجد فيه ريحًا طيبة باردة وريح مسك وسمع صوتًا فقال: ما هذا يا جبريل؟
قال: هذا صوت الجنة تقول: رب آتيني بما وعدتني فقد كثرت غرفي وإستبرقي وحريري وسندسي وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني وفضيتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري فآتيني بما وعدتني.
قال: لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحًا ولم يشرك بي شيئًا ولم يتخذ من دوني أندادًا ومن خشيني فهو آمن ومن سألني فقد أعطيته ومن أقرضني جازيته ومن توكل علي كفيته إنني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد قد افلح المؤمنون وتبارك الله أحسن الخالقين.
قالت: قد رضيت ثم أتى على واد فسمع صوتًا منكرًا ووجد ريحًا منتنة فقال: ما هذا يا جبريل؟.
قال: هذا صوت جهنم تقول: رب آتيني بما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وقد بعد قعري واشتد حري فآتيني بما وعدتني.
قال: لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب.
قالت: قد رضيت فسار حتى أتى بيت المقدس - رواه الطبراني والبزار.
------------------------------
------------------------------
رواية اخرى لمعجزة الاسراء والمعراج
تحتفل الأمة الإسلامية هذه الأيام بذكرى الإسراء والمعراج, هذه الذكرى التي ستظل المصدر الذي يتشرب منها المسلمون الدروس والعبر ,وستظل الجرس الذي يذكرهم دائماً بدورهم تجاه انفسهم واتجاه دينهم واتجاه الناس جميعاً ,هذه الذكرى التى وقفت امامها العقول حائرة, معجزة جعلت اعداء الإسلام واقفين امامها بين مشكك ومصدق ليأتى قول الله ويحسم هذه القضية فيقول سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" وقوله تعالي "ما زاغ البصر وما طغي".
وبهذه المناسبة نقوم بعمل عرض مختصر لهذه الرحلة الربانية للوقوف على أهم الدروس والعبر التي يجدر بالمسلمين التسلح بها في معركة إعادة بناء الأمة الجديدة .
اشتداد المحن
قبل ان نقوم بسرد هذه الرحلة الربانية سوف نقوم بسرد حادثة تمت قبل هذه الرحلة الربانية ليعلم الذين كفروا ان الله ليس بتارك عبده وليزداد صبر الذين امنوا وليعلموا دائما ان بعد العسر يأتى اليسر فقبل هذه الرحلة بفترة ليست بكبيرة اشتدت المصائب على رسولنا الكريم بداية من وفاة احب زوجاته اليه السيدة خديجة رضى الله عنها وقد تبعها فى نفس العام وفاة خير معين له فى وجه الكفار عمه ابى طالب وقد كان حزنه على عمه حزن مضاعف وذلك لاصراره على كفره وموته عليه .
وتأتى لقريش الفرصة بعد وفاة ابى طالب عم الرسول ليشتد ايذاؤهم للرسول الكريم فقد تحينت لهم الفرصة بعد وفاة خير ناصر له الأمر الذى ادى بالرسول الكريم الى تغير مكان دعوته وتركه احب البلاد إلي نفسه فتهيأ للخروج إلى الطائف لعله يجد فيها السلام والخير الأ إنه قد وجد ما لم يأمله فعندما بدأ فى الدعوة الى الله مع سادات الطائف وجد ردا قاسيا بل كان يحرضون سفهاءهم واطفالهم بأن يسبونه ويرمونه بالحجرة الأمر الذى ادى إلى إسالة دمائه الشريفة فقد جرح فى قدميه من جراء رميهم بالحجارة ويستمر ايذاء اهل الطائف للرسول الكريم حتى رسول الله قد اخذ فى الدعاء بقوله " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربى ، إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني ؟ أو إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن يحل علي غضبك ، أو أن ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك" .
فبعد ما وجده الرسول الكريم فى اهل الطائف, عقد العزم إلي الرجوع إلي احب البلاد اليه, ليكمل تبليغ رسالته للوفود والقبائل والأفراد ,فما وجد الحال فيها يختلف عما وجده بالطائف فقد كان رجالها يتبعونه فى الأسواق ويرمونه بهتانا وإثماً ويصفونه بالكذب ويحذرون الجميع من إتباعه .
يسر بعد عسر
وبعد ما واجه الرسول الكريم من إهانة وإيذاء من أهل مكة والطائف اراد الله ان ييسر على عبده ونبيه وأكرمه بهذه الرحلة الربانية لتكون بشرى للرسول الكريم والمؤمنين من حوله كأنما يقول له الله عزوجل "اذا كانت هذه معاملة اهل الأرض من مهانة وذل فتعالى إلى السماء لترى كيف يرحب بك اهلها وكيف يستقبلونك بحفاوة وفرح "
رحلة الإسراء
كانت هذه الرحلة في السنةِ الخامِسَةِ قبلَ الهجرةِ .. عندما جاءَهُ جبريلُ ليلاً َ وهو نائمٌ ففتَحَ سَقْفَ بيتِهِ ولم يهبِطْ عليهِم لا ترابٌ ولا حجرٌ ولا شىءٌ وكان النبيُّ حينَها في بيتِ بنتِ عمّه أمّ هانىءٍ بنتِ أبي طالبٍ أختِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ في حيّ اسمه أجياد بمكة ، كان هو وعَمّه حمزةُ وجعفرُ بنُ أبي طالب نائمين والرسولُ كانَ نائماً بينهما فأيقظَهُ جبريلُ ثم أركبَهُ على البُراقِ خلفَهُ وانطلقَ بهِ.
والبُراقٌ دابةٌ من دوابِّ الجنّةِ وهو أبيضٌ طويلٌ يضَعُ حافِرَهُ حيثُ يَصِلُ نظرُهُ ولما يأتي على ارتفاعٍ تطولُ رجلاهُ ولما يأتي على انخفاضٍ تقصُرُ رجلاه.
واستعداد لهذه الرحلة المباركة اتجه جبريل بنبينا صلوات ربى عليه الى الكعبة فقام بشق صدره من غير ان يشعر الرسول بأى الم يذكر ليملأه ايماناً وحكمة إعداداً لهذه الرحلة المباركة ثم صار حتى وصلا ارض المدينة ِ فقالَ له جبريلُ " انزِل " فنزل فقالَ له "صلِّ ركعتينِ" فَصَلّى ركعتين، ثم انطلَقَ فوصَلَ بهِ الى بَلَدٍ اسمُها مَدْيَن وهي بلدُ نبيِ اللهِ شُعَيب فقال له انزِل فَصَلِّ ركعتينِ ففعَلَ ثم مثل ذلِكَ فَعَلَ في بيتِ لحمٍ حيث وُلِدَ عيسَى ابنُ مريمَ عليهِ السلام.
ثم أتى بيتَ المقدِسِ فربَطَ البُراقَ بالحَلَقَةِ التي يَرْبِطُ بها الأنبياءُ ثم دخلَ المسجدَ الأقصى فصلَّى فيهِ ركعتين.
وصلّى بالأنبياء إماماً، جمَعَهم له هُناك كلّهم تشريفاً له، ليجعله الله الميثاق الذي يأخذه على رسله ليؤمنوا بمحمد وينصرونه ويؤيدوه, وتكون إمامته "ص" لجميع الرسل إعلانا لعالمية الإسلام وبيانا لوجوب الإيمان به حيث آمن واقتدى به جميع الرسل.
أن هذه البقعة المباركة التي اجتمع بها الرسل جميعا,لها مكانة عظيمة في قلب كل مسلم , هي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج.
وبذلك تكون هذه الرحلة الربانية تذكير دائم للأمة العربية والإسلامية إلى التعاون والالتحام معا يدا واحدة لإنقاذ المسجد الأقصى وحماية الأرض المقدسة ورد الحق لأصحابه، خاصة وأنها أرض الإسراء التي تتعرض الآن لأخطر الانتهاكات والعدوان.
ثم يخرج عليه جبريلُ عليه السلام بإناءٍ من خمرِ الجنةِ لا يُسكِرُ وإناءٍ من لبَنٍ فاختَارَ النبيُ اللبنَ فقال لهُ جبريل "اخترتَ الفِطرةَ " أي تمسَّكْتَ بالدين.
العروج إلي السماوات
ثم صَعِدَ به جبريلُ حتى انتهيَا الى السماءِ الأُولى، وفي السماءِ الأولى رأى ءادَمَ وفي الثانيةِ رأى عيسى ويحيى وفي الثالثةِ رأى يوسُفَ..
قال عليه الصلاةُ والسلامُ " وكان يوسُفُ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ " يعني نِصْفَ جَمَالِ البشَرِ الذي وُزِّعَ بينهم وفي السادسةِ رأى موسى وفي السابِعَةِ رأى ابراهيمَ وكانَ أشْبَهَ الأنبياءِ بسيدنا محمد من حيث الخِلْقَةُ ورءاهُ مُسْنِداً ظهرَهُ إلى البيتِ المعمُورِ الذي يدخُلُه كُلَّ يومٍ سبعُونَ ألفَ مَلَكٍ ثم لا يعُودونَ إليهِ.
ثم ذُهِبَ برسولِ اللهِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى وهي شجرةٌ عظيمةٌ وبها من الحُسْنِ ما لا يستطيعُ أحدٌ من خَلْقِ اللهِ أن يَصِفَهُ وجَدَهَا يغشاها فَراشٌ من ذَهبٍ وأوراقُها كآذانِ الفيلَةِ وثِمارُها كالقِلالِ والقِلالُ جمْعُ قُلَّة وهي الجَرَّةُ وهذه الشجرةُ أصلُها في السماء السادسةِ وتمتدُ إلى السابعةِ ثم سارَ سيدُنا محمد وحدَهُ حتى وصَلَ إلى مكانٍ يسمَعُ فيهِ صريفَ الأقلامِ التي تنسَخُ بها الملائكةُ في صُحًفِهَا من اللوحِ المحفوظِ ثم هُناكَ أزالَ اللهُ عنْهُ الحِجَابَ الذي يَمنعُ من سَماعِ كلامِ اللهِ الذي ليسَ حرفاً ولا صوتاً، أسمَعَهُ كلامَهُ.
ثم هناك أيضاً أزَالَ عن قلبِهِ الحجابِ فرأى اللهَ تعالى بقلبِهِ أي جَعَلَ اللهُ له قوَّةَ الرُؤيةِ
والنظَرِ بقلبه، فرأى اللهَ بقلبهِ ولم يَرَهُ بعينَيْ رأسِهِ لأنَّ اللهَ لا يُرَى بالعينِ الفانِيَةِ في الدنيا وإنما يُرى بالعينِ الباقيةِ في الآخرةِ كما نصَّ على ذلك الإمامُ مالِكٌ رضي اللهُ عنه
ثم إنّ نبينا لما رجَعَ من ذلِكَ المكانِ كان من جملةِ ما فَهِمَهُ من كلامِ اللهِ الأزليِ أنّهُ فُرِضَ عليه خمسون صلاة ثم رجع فوجد موسى في السماءِ السادسةِ فقال له " ماذا فرضَ اللهُ على أُمَّتِكَ" قال: " خمسين صلاة " قال "ارجع وسل التخفيف" أي ارجع الى حيثُ كُنْتَ وسَلْ ربَّكَ التخفيف فإني جرَّبْتُ بني اسرائيلَ فُرِضَ عليهم صلاتان فلم يقُوموا بهما" فرجعَ فَطَلَبَ التخفيفَ مرةً بعد مرَّةٍ إلى أن صاروا خمسَ صلواتٍ.
ثم رجع رسولنا الكريم إلى قومه وحكى لهم ما حدث ، إلا انها رحلة تعجز عن تصديقها غير القلوب النقية المؤمنة فمنهم من كذبه ومنهم من أخذ يناظره بالاسئلة ويسأله "كم باباً ببيت المقدس "فلما كانت الرحلة ليلاً كشف الله له فآراه ، فصار يحكى لهم عن وصف الابواب وعددها واحداً واحداً فسكتوا ، وعندما قالوا لصديقه"ابوبكر "صاحبك يدعى أنه أسرى به " ، فقال ابو بكر مقولته المأثورة "إنه صادق فى ذلك أنا اصدقه فى خبر السماء فكيف لا اصدقه عن خبر الأرض ".
مشاهد لاتنسى
اثناء هذه الرحلة الربانية رأى النبى عدداً من المشاهد التى تعبر عن الكثير من حالة أمته وعلى ماهو عليه الناس فى الوقت الحالى ، نسرد بعضها لعل الناس يأخذون منها العظة :
المشهد الذى تظهر فيه امرأة جميلة متبرجة بكل أنواع الزينة، حاسرة عن ذراعيها تنادى: يا محمد انظرنى أسألك. فلم يلتفت إليها صلى الله عليه وسلم فقال جبريل للرسول: ما سمعت فى الطريق؟
فقال عليه السلام: بينما أنا أسير إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرنى أسألك! فلم أجبها، ولم أقم عليها.
قال جبريل: تلك الدنيا، أما أنك لو أجبتها، لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، وأما الشئ الذى ناداك من جانب الطريق فهو إبليس.
ثم يأتى هذا المشهد الذى نسأل الله سبحانه وتعالى قبل سرده ان يرزق شبابنا العفاف والتقى حتى لايقعون فى مثله فأثناء هذه الرحلة الربانية رأى الرسول موائد كثيرة، عليها لحم ناضج جيد ولا يقربها أحد وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذا اللحم النتنه أناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم الناضج الجيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هذا حال أناس من أمتك يتركون الحلال الطيب فلا يطعمونه، ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه!!.
وهذا مشهد آخر يحذر آكلين أموال اليتامى بالباطل ,حيث رأى الرسول الكريم أناسا شفاهم كمشافر الإبل. فيأتى من يفتح أفواههم، فيلقى فيها قطعا من اللحم الخبيث، فيضجون منها إلى الله لأنها تصير نارا فى أمعائهم فلا يجيرهم أحد حتى تخرج من أسفلهم فقال عليه الصلاة والسلام من هؤلاء يا جبريل ؟
قال جبريل: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل، إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.
ويرى الرسول الله عليه وسلم طريقا ممتدا إلي النار يمر فيه آل فرعون. فيعرضون على النار غدوا وعشيا.
وأثناء مرورهم يجدون على الطريق أقواما بطونهم منتفخة مثل البيوت، كلما نهض أحدهم سقط يقول: اللهم أخر يوم القيامة، اللهم لا تقم الساعة فيطؤهم آل فرعون بأقدامهم فقال عليه السلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يتعاملون بالربا من أمتك.. لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس.
ثم يمضى الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى أقواما يُقطع اللحم من جنوبهم ثم يقال لكل منهم: كل من هذا اللحم كما كنت تأكل لحم أخيك ميتا. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يغتابون الناس من أمتك، كان كل منهم يأكل لحم أخيه ميتا.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد أقواما تضرب رؤوسهم بالصخر كلما ضربت تحطمت وكلما تحطمت عادت كما كانت فترضخ من جديد بالصخر فتتحطم.. وهكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل عليه السلام: هؤلاء من أمتك هم الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة.
يعقب ذلك مشهد يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها هو يزيد عليها، وذلك دليل على كثرة الذنوب التى ارتكبها والمعاصى التى اقترفها، ومع ذلك فهو يزيد منها ويثقل على نفسه بالذنوب فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس، لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها أمانات أخرى، وقد دعا الإسلام إلى رد الأمانات.
كما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقوام تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ وهذا جزاء من يتكلم بالشر، ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله ذلك قال لجبريل: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء خطباء الفتنة" كما كثر عددهم فى هذه الأيام"أسال الله ان يكفوا عما هم عليه من بث للفتنة .
وعلى عكس ماسبق فهذا المشهد يثير فى نفوسنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة، فقد مر الرسول على أقوام يحصدون فى يوم، كلما حصدوا عاد كما كان. وكثرة الحصاد والمحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سبحانه الذى لا يتناهى، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك سأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم المجاهدون فى سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف. ولذلك يشبه الله العمل الصالح فى الآية: {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء.
دروس وعبر
يجب على الأمة الإسلامية وهى تحتفل بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا ان تقف عليها وتستلهم منها اهم ما خرجت به هذه الرحلة الربانية من دروس وعبر لتكون لنا خير عون على استعادة مجدانا وإعادة بناء لأمتنا ومن هذه الدروس :
1-على المؤمنين ان يتيقنوا ان دائما بعد العسر يأتى اليسر الأ أنه يجب على الإنسان ان يصبر ويحتسب ويسعى دائما للخير فكما عوض الله رسوله الكريم بعد اشتداد المصائب عليه ونصره سوف يكون هذا حالنا ان شاء الله فى حالة اذا ما قمنا بالدافع عن دين الله وجعل كلمة الله هى العليا .
2- على المسلمين ان يتذكروا دائما الآية الكريمة "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"ويقتدوا بها حتى تكون لهم عون لإظهار الصورة الصحيحة لدينهم كما فعل الرسول" ص" مع اهل الطائف فرسولنا الكريم فهو لم يدعو عليهم بل دعا لهم بأن يشرح صدرهم للإسلام وليكن هذا دائما شعارنا وسلوكنا حتى تتحدث افعالنا عن إسلامنا وتكون اداة جيدة للحديث عنا الإسلام وسماحته .
3- ان يتذكر المسلمون حال اليهود الذين ضلوا السبيل بمخالفة امر الله وقاموا بخيانة أمانته وذلك بإهمال شريعته ,واتباع شهواتهم فرفع الله عنهم عنايته ,ووكلهم إلي انفسهم الطاغية ,فداستهم الأمم ,وقهرتهم الدول ,وشردوهم فى الأرض لا وطن لهم مدى الحياة ,فعلينا نحن المسلمين ,ان نتمسك بشريعة الله ,وان نكون آهل للأمانة التى وكلنا بها ,حتى لا نضل مثلهم ,وحتى لاتجرى علينا سنت الله كما جرت عليهم حينما ضيعوا الأمانة .
4- يجعل المسلمين قضية استرداد" المسجد الأقصى" قضيتهم الدائمة التى يجب ان يعملوا دائما لاستردادها الم تكن هذه البقعة المباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج, اليست هذه ارض الإسراء التى تتعرض للظلم والإنتهاكات.
5-الإسلام دين عالمى سيظل إلى يوم الدين ويتجلى ذلك عندما قام رسولنا الكريم بإمامة الرسل جميعا للصلاة مما يزيدنا قوة وإصرار على الدفاع عنه إلى يوم القيامة .
6-دعوة عامة للمسلمين فى انحاء البلاد للتلاحم والتعاون للوقوف فى وجه الطغاة الذين يريدون اطفاء نور الله من وراء اقنعة مختلفة الا ان هدفهم واحد وهو حرب الإسلام والمسلمين والقضاء على هذه الأمة الصامدة إلى يوم الدين .
7-ان يعتبر المسلمين من المشاهد التى رائها الرسول اثناء رحلته المباركة ويأخذون منها الدروس بالابتعاد عن ما نهنا الرسول عنه ويأخذون بأومره .وكل عام والأمة الإسلامية بخي