منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-19, 17:00 رقم المشاركة : 1



افتراضي حبكِ يشبه السقوط في يد الأعداء


من المضحك أن أفكر في البنادق والذخيرة و أنا أنظر إليكِ ، أن أفكر في استخدام الباب ، المكتب ، أو أقرب جدار للاحتماء من كلماتكِ ، وهذا ليس لأنكِ قاسية .. لا ، بل لأن الرجال المجهزين بحبكِ مثلي قساةٌ ولا تغريهم الهدنة أو توقف تبادل إطلاق النار ، لأن كل شيء في حضوركِ يقول نعم ويقول لا ،بنفس الطريقة ، لأن الأحلام التي ترفض الاستسلام للموت تطير بجناحيها تحت سمائك ِ ، لأنّ الذنوب التي لا يمكن إنكارها أو مقاومتها تشبه الضوضاء التي يُحدثها أنين المجروح على أرضكِ ، هناك دائما مبارزة بين صوتي وأصواتهم ، كلماتي وكلماتهم ، أفكاري و أفكارهم ، وما الذي يمكن أن تقدمه كلماتي غير يدٍ بيضاء تلمس وجه الحياة وتعلن استسلامها لكِ ، ربما يعجبكِ أن تفكري فيَّ كرجل قوي لا تنطفيء نيرانه ، لكن أنا أفكر في نفسي كــ(انتايوس) ذاك المصارع الذي لا تُقهر قوته إذا ما لمس الأرض ، وأنا على أرضكِ أكون قادرا على خوض حرب أموت فيها أكثر من اللازم لكني لا أخسرها أبدا ، ما أجمل أن أكون على أرضكِ ، ما أجمل أن أشعر بأن حبكِ هو لحظة نصر أنسجم فيها ولأول مرة مع العالم ، لحظة نصر تنهمر فيها دموعي من الفرحة باستعادة ضحكتي وطريقي الخاص إلى ذاتي ، على أرضكِ أجد الجرأة على التواضع كفعلٍ صامت في مواجهة عدم التحرر من التجارب كلها ، أحب التجوال فيكِ وأنا أتأمل معنى خسران العالم مقابل بيت في عيونكِ ، أحب التجوال فيكِ و أنا مهتم بعدم خيانة الله مع عدم العيش في صورة ناسِكٍ بغيض ، أحب الترحال فيكِ و أنا أتكلم بشكل مناسب عن محبة الجمال ، عن التضحية في اللحظة المناسبة بكل الأسئلة لسماع إجابة واحدة منكِ ، ها هو النهار هناك كوردة بيضاء صغيرة ، ها هو الليل هناك بقلبه المجنون ، ها هي النجوم هناك ليست بعيدة لكنها ترتعش عندما تغمضين جفونك بحركة ساحرة ، الترحال فيكِ يحول السعادة إلى اتفاق من أجل تأجيل العذاب إلى يوم آخر ، شهر آخر ، عام آخر ، وربما عمر آخر ، يجب المضي فيكِ إلى أبعد نقطة من الوجد ، إلى أبعد مكان في نار الرغبة ، إلى هناك ، حيث يسكت العقل وتجلس الأخلاق في ظل شجرة ضعفِ و تعقيدِ الإنسان ، عليَّ أن أقطع طريقي فيكِ وسط نيران معادية لا ترحم ، وسط غيرة معذبة وانجذاب الرجال إليكِ أمر لا يمكن التساهل فيه ، الغفران في هذه الحالة يضعف المعنويات ويشبه الفرار من الصفوف ، يجب أن أتشبث بمكاني فيكِ ، لا أحد يفكر على أرضكِ في: مَن القاتل ومن المقتول ، التفكير في الجريمة أمر تافه بمقارنته مع عدالة أن تكوني أنتِ لي ، مع عظمة أن تكوني معي في الخندق الأخير نتحدث عن مرارة تقبل عذاب الشوق ، عن امتلاكي أنا و أنتِ الحق في تمزيق بعضنا البعض و عن كيف إذا ما حدث هذا سيتحرك العالم من مكانه ولن يعود أبدا إليه ، و ربما نتكلم تحت أزيز رسائل عشاقكِ عن الطريقة التي سيعطس بها العالم وهو يسند ظهره إلى المدفأة التي نشتعل فيها أنا و أنتِ .كل شيء في الحب يشبه الجغرافيا ، الجغرافيا لا تشفي الأرض من جراحها لكنها تصونها من الذوبان والضياع ، الحب هو توجع شخص ما في مكان ما ، إبداع شخص ما من أجل إنسان ما ، هناك مسافات للاشتهاء ، مرتفعات للأمل يخدش الجلد الأملس لليأس ، سهول تمر فيها الكلمات بلا خوف أو قلق ، أنهار تحوِّل الألم عن مجراه القديم إلى حيث يمكن الاستفادة منه ، طراز معماري قام الحب بتعديله بطريقة فريدة ، وأنا أتنقل فيكِ من مكان إلى آخر ، فهمت أهمية العيش بين جدران الحب ، لابد من وجود حدود ، سياج ، جدار عازل بيننا وبين الآخرين ، لابد من وجود باب مكتوب عليه : " هناك ألغام و حراس مسلحون ببنادق سيسعدهم جدا موتك " ، لابد من حماية المياه الإقليمية بشراسة ، الحب لا يعرف الفضاء الحميم والذي يمكن اختراقه في كل لحظة ، في داخل هذه الحدود لا يمكن أن تعتمد على أحد غير نفسك ، في فضاء قلبكِ تجري معركة الحياة بأكملها ، لهذا أحبكِ ، لأنكِ امرأة يجب حرمان الآخرين منها ، أتكلم عنها لتنتشر عدوى حبها فيكم ، لكني سأبعدكم عنها بنفس الكلمات ، الحب مثل الكتابة يجعل السُمّ والترياق شيئاً واحداً ، لن يؤنبني ضميري وأنا أجعل من محاولة المرور بأرضها فألاً سيئاً وشبحاً لآلام لا نهاية لها ، و لن أتعاطف معكم وهي تفجر بنظرتها ناراً لا ضوء فيها في قلبكم ، لن أمنع نفسي من التلذذ بحرقة تنهيدكم ، لن أحرم نفسي من سماع صدى اصطدام دموعكم بأرضها ، لن تكون لديكم كلمة منها ، ولا خصلة شعر ، ولا حتى وعدٌ بنظرة ، وهذا ربما ما سيجعلكم تتخلّون عن الإيمان بالمعجزات ، يجب أن تتفهموا عدم تساهلي في انتزاعها منكم ، و أن هذا التمسك بها ليس بسبب ما أنتظره منها .. لا ، بل لأني أحب أن أسجن نفسي فيها ، أن لا أكف عن التنقل فيها من عاطفة إلى أخرى ، من شعور إلى آخر ، لأني خارج جدرانها أشعر بأني منهكٌ ، ضائعٌ ، وحالتي تشبه الفضيحة ، البقاء في هذا العالم يشبه الموت الخالص ، التنقل في الهيام بها هو الحياة الخالصة ، الهيام بها هو ما يسد ما في الحياة من نقص ، وما يبعد الحزن عن الكلمات ، كلمة منها كافية لتُنسي الكلمات كل المواعظ ، كل الرثاء الخالي من الحماسة للحياة ، بنظرة واحدة منها تعدني الحياة بالمستحيل ، تعدني بأنَّ الموت في أرضها سيكون جذاباً أكثر مما هو مخيف ، لهذا عليكم أن تتوقعوا معركة كارثية ومتوحشة ، معركة لها مذاق شرود الحب ، معركة لا يتم النظر فيها إلى الوراء ، لأن النظر إلى الوراء يجعلك تفكر في العواقب ، كم أحب رغبتها في العيش بيننا نحن الحمقى المُصرِّين على خوض حربها ، نحن المجانين الذين لم تُشوِّههم المعارك ، الذين استبدلوا الصلاة بصفحات الكتب ، الذين تعلموا من الحياة أن الحياة بلا حدود ، و أنْ لا شيء بسيط في الحب ، نحب أن نغطي أرض حبيباتنا بدموعنا ودمائنا ، نقف هناك حيث تتقاطع الكلمات مع الطريق إلى الأوطان ، إلى الليل في عيون الأحباء ، إلى حقول تحرثها سواعد الطيبين وتحصدها جيوبٌ لها عمق الموت ، وبيوت يبنيها عرقٌ لهُ طعم الفجيعة وأغلق بابها على حزنه ، جميل أن أصل فيكِ إلى سهل ناءٍ وقصيّ ، أتقاتل فيه مع كل هؤلاء كي يصبح موتنا فيكِ أغنية لدوران الأرض وتبدل الفصول ، لا شيء مثلك يستحق الموت أو الوقوع في يدِ الأعداء ، لا شيء غير وطن يسقط فيه الظل على نفسه و ويتكلم فيه الرماد بلغة الناس ، أبتسم الآن وأنتِ تعدينني باقتراب اللحظة التي سيتخلّون فيها عن أسلحتهم ويلقون فيها بخوذاتهم ، لأني أسمع صوت الرصاص وهو يؤكد كلامك بقوله آمين..



  رد مع اقتباس
إضافة رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:20


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت