منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-06, 11:55 رقم المشاركة : 1



Frown فقراء بلادي .. بين الواقع والسياسة







الفقراء في بلادنا يتكاثرون و الأغنياء يولدون من الدينار دينارا و يستعبدون الفقراء. و السماء كقبة عملاقة تتابع المشهد الأسطوري في صمت كئيب و تواطؤ غريب.

الفقراء ينتظرون، منذ قرون ينتظرون منقذا لن يأتي أبدا. هكذا قيل على كل حال. ذاك هو قدرهم منذ اكتشاف العقل و انتحار الآلهة، فضلوا في متاهات الحذلقة و التشدق اللفظي واحتياجات الجسد. مقولات الزمن الغابر و أسفار العرب و عنترة الرومان و ذرات العصر الراهن أطالت أعمارهم فضاعفت آلامهم لكنها، من سوء حظهم، ثخّنت جراح خيالاتهم و خيبت آمالهم. ورغم الضنى و الجوع و انتكاسات الزمن وقهر الدهر و ضلالات الساسة لا يزال فقراء بلادي متعلقين بذرات الأكسيجين المتعفنة المتبقية في قلب الهاوية و في أعماق الكهوف المظلمة. و عند حلول الأعياد و مواسم الأفراح القليلة يتزين فقراء بلادي بما لديهم من خرق و طقوس و ابتهالات و يشرعون أذرعتهم لعناق أسيادهم و جلاديهم ، فيضيق الصدر و تدمى القلوب لمرأى اشتقاقات الذل و الهوان المغلفة بإبداعات التسامح و كظم الغيظ و التغاضي عن زمن السحق و الظلم و التنكيل. بعد خريف الضيم و الحنظل ، جاء ربيع كسي فيه وجه الأرض الكئيب بأزهار زرقاء طغت بلونها على سطح ملّ الجدب و الجفاف. لم يكن في المشهد الجديد ما يروق الناظر . فالربيع هذه المرة أقبل بلا طعم و لا رائحة و لا ألوان. فمكث الفنانون ، على غير المعتاد ، في دهاليز بيوتهم يترجمون خيالاتهم العقيمة على سطوح أوراقهم البيضاء رسوما كئيبة يغلب عليها لون الغيظ و الدم و الدموع. و ظهرت في الأثناء نباتات غريبة لا تزهر ألقي بها غدرا في رحم الأرض المغتصبة. و في سرعة البرق اكتسحت تلك النباتات الغريبة فراغات الأرض المشققة و تطاولت على غيرها من النبات و بدت الأزهار الزرقاء ترمقها وقد تملكها ما يشبه الخوف أو الحيرة . بعد خريف طويل جدا مترعا بسواد إبليسي قميء مليء برياح الشمال الموجعة، أطل ربيع إطلالة خفرة و كان محط أنظار الجن و الملائكة. لم يكن ربيعا عاديا البتة. لقد سيق إلى الحياة سوقا و انتزع من براثن الزمن الذي لا يرحم انتزاعا. كانت ولادته عسيرة و مبكرة . ولادة قيصرية أخرجت من رحم العبودية و الزمن الحالك كائنا ضعيفا تتنازعه آلام الماضي و هزال الأم التي عانت من العقم دهرا طويلا. عُني به ثم أُخرج من رحمه الثاني ، فتداولته الأيدي ، كل الأيدي تداعب جسمه الغض الطري. بقي الجميع يحدق دهشا في هذا الربيع الذي حل بعد أكثر من خمسين خريفا. لقد كان أعجوبة القرن و يتيم الزمن الحافي و الحياة العقيمة. هو ربيع انتظره فقراء بلادي انتظارا طويلا، وصبروا على الضيم و الجوع و استئساد أشباه الرجال و ظلم ذوي القربى حتى عيل صبرهم و تلبسهم الشيطان و ازدان لهم الشر و ما عادوا يخشون الهاوية. قيل إن فقراء الأمة سيدخلون الجنة قبل أغنيائها بأربعين خريفا لتعويضهم عن حياة الغبن و القحط و الحرمان التي عاشوها في زمن الاعتقال و المنفى و البيع و الشراء و الحقيقة المرة. قيل لهم إن في الزمن الآخر ما يعوض عن انتهاكات الجسد و إذلال النفس و انحطاط الكرامة و أوجاع الكروش الخاوية!!! ربما يكون هذا حلا ضمن قائمات الحلول الممكنة و غير الممكنة. حل الربيع بزهره وورده و سهراته الضاوية وكادت تقوم القيامة في هذا الزمن الذي انتصبت فيه النباتات الذاوية بعد الارتواء من مياه الربيع الأسطورية الشافية. لكن القيامة لم تقم و انبعثت الديدان و الحراقيص من شقوق جدران القبور المنسية و استوت و استعادت حياتها الماضية بلا قيامة رادعة. و قيل إن في الربيع تتشابك أفنان الأشجار العالية لتظلل الأزهار و الأعشاب وتقيها من لهب الشمس الكاوية. تلك هي مزية الأشجار العالية.



  رد مع اقتباس
إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بلادي العزيزة Ragheb خواطر و مقالات أدبيّة 8 2014-04-28 20:49
تيم كوك والسياسة الجديدة في إدارة شركة أبل jimano التكنولوجيا والاقتصاد - ثقافة عامة 0 2011-11-11 22:49



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:29


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت