منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums منتديات جوهرة سوفت - Jawhara-Soft Forums

العودة   منتدى التعليم التونسي (Jawhara-Soft) > التعليم و الثقافة > خواطر و مقالات أدبيّة
خواطر و مقالات أدبيّة بخفق الورق و رحابة الحرف نرتقي إلى أكوان الرحابة .. قصة ، شعر ، فلسفة ، خواطر و مقالات أدبيّة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-03-25, 00:59 رقم المشاركة : 1



افتراضي الحب على طريقة الفيس بوك...


ما يفسر التعلّق بالفيس بوك هو حالة الملل المهيمنة على الواقع ، كثيرون مِمّنْ حولنا وبسبب انحطاطهم المشحون بالتفاهة أفرغوا الحياة من كل ما هو حميم أو إنساني ، لهذا حياتنا تشبه الورع المخيف الذي لا يفكر حتى الشيطان في اعتراض طريقه ، الواقع الذي نعيش فيه يرفض تفعيل الاختلاف بين الحياة والموت ، لا فرق بين أن تكون في غرفتك أو في قبر ، فكلاً منهما يُذكِّرك بالموت ، الوحدة ، العزلة ، السكون ، الحزن ، هذا بالإضافة إلى أن الواقع ليس له أسلوب و لا طريقة لأنه وببساطة يتبنى الحقيقة ، و الحقيقة لا تحتاج منا إلى اعتراف فنحن بالنسبة للحقيقة موضوع غير قابل للعلاج و لا جدوى منه ، الواقع هو الحقيقة وهذا هو ما يحاول تاريخ الإنسان شرح كيفية الهرب منه ، و لا شك عندي أن الأدب هو الوحيد القادر على جعل الحقيقة مكتوبة ، لكنه وهو في طريقه لفعل ذلك يسقط منها الذعر ، الخوف ، الملل ، الرتابة ، ويضيف إليها الحميمية والإنسانية التي يفتقدها الواقع في أغلب الأحيان وهذا يتم بالتواطؤ مع الخيال ، الأدب الجميل يشبه المظلة التي تمنع حرارة الشمس من الوصول إلينا بشكل كامل ، الأدب الجميل يمنحنا شعوراً بأن شيئا ما، مازال ممكنًا ، نعم ستكون هناك مجازفة كبيرة في تلخيص الحياة إلى مجرد نصوص ، لكن المجازفة ستكون أكبر إذا لم نكن قادرين على تعليق الحقيقة في بعض الأحيان ، التصلب في فهم الحياة يقود الحياة نفسها إلى الفشل ، جميعنا ينظر بعين الحسد للعلاقات العاطفية الأدبية ، وهذا لأننا لا نفكر في أننا خُدعنا أو تم الكذب علينا ، الجميل في الحقيقة الخيالية هو أنها مبنية حول أنا وليس العالم ، الخيال لا يسعى للتطابق مع الحقيقة ، الخيال يسعى لخلق حقيقة أخرى غير مهتمة بموضوع الزمن ، الكاتب لا يكتب ما هو خارج الواقع ، لكنه يكتب واقعاً غير دقيق لكنه كامل ، جان بودريار طرح فكرة موت الواقع ، وأشار إلى أن "بالإمكان إنتاج الواقع انطلاقا من الخيال " ، لكن الحقيقة أن الخيال أنتج نوعاً من مقاومة الواقع ، مقاومة لها شكل فريد ، وغريب ، وغير متوقع ، ألَا نشعر جميعًا بلذة الوضع الجديد ، لذة القدرة على تدمير الشر ونحن ننتقل من صفحة إلى أخرى على الشاشة ، لن تدخل الغرفة بكل حزنك وغيظك و اضطهاد أي نظام سياسي ، اقتصادي ، اجتماعي ، وتجلس صامتاً ، وحيداً ، معزولاً .. لا ، ستشغل الجهاز ، ستصبح الشاشة زرقاء لثواني ، ثم ستجد نفسك في وسط مجموعة تجمعك بهم روح التمرد ، لهم منطق مرح حتى وهم يفكرون في جماليات الانتحار الجماعي ، أعلنوا المقاومة ، سنغير العالم بالقصائد ، بالجمل القصيرة المجرمة والقادرة على إفساد مخططات الواقع ، بالمقالات التي تقف بيننا وبين التسلط كأسلاك شائكة ، باللوحات التي تطرح سؤالاً يخاف الواقع الإجابة عنه ، بالأغاني التي تفجر المسافات والحدود ، بالصور التي تدمر مفهوم الضرورة ، بالضحك ، بالسخرية من الآلهة الجديدة على الأرض ، أجمل ما في هذه المجموعة أنها تنتزع من التاريخ الاعتراف بأن الإنسان يحب هذا العالم وقد لا يهتم بالكثير مما فيه ، لكنه يهتم الآن و أكثر من أي وقت مضى بالإبداع لأنه سلاح المقاومة ، (لايك) لا تعني أعجبني ، هذا فهم ساذج لمعنى التمرد ، (لايك) تعني أنا معك وأنكَ لستَ وحدكَ ، نعم .. العالم تغير ، الحب تغير ، لغة الحب تغيرت ، على الفيس بوك استطاع الحب أن يخفي جانبه الناقص ، استطاع الحب أن يُوقف القتال ضد ظله ، لقد وجد الحب في الفيس بوك البقعة المناسبة ليتخلص من طريقته القديمة التي تشبه طريقة عجوز بخيل لا يمكن إنقاذه من المصير الفاجع والمضحك الذي ينتظره .
من أين يستمد الحب موضوعه على الفيس بوك ؟ من الكلمات التي تسجل حضور الغائب ، من أين يستمد الأدب موضوعه في الكتب ؟ من الكلمات التي تسجل حضور التجربة الماضية ، مجرد النظر إلى الكلمات وهي تظهر مرة وتختفي مرة يمكن أن يُؤلف موضوع حب ، أو كتاب ، الكلمات ببلاغتها هي ما يثير فينا الإيمان بشيء ، ما يثير فينا الرغبة في القيام بشيء ، الكلام هو ما يُبكينا ، يفزعنا ، يفرحنا ، ويجعل وجوهنا تحمرُّ ، يزول الحب بزوال الكلمات ، لا يعيش الحب بمجرد القُبل أو المواعيد ، كل شيء يمكن أن نفعله سيبقى عاجزاً أمام كلمة واحدة وهي : أحبك ، لا يمكن أن يشرح أي فعل مدى عذابي ، شكوكي ، أو ما يفقدني صوابي ، غير الكلمات التي تفلت من الصمت ، لن يحسد أحد العلاقات العاطفية الأدبية بعد اليوم ، الجميع لديهم قصص مكتوبة ، أن تحبني على الفيس بوك هذا يعني أنك تصغي إلىَّ باهتمام ، لا توجد على الفيس فكرة الخسارة أو الربح ، هناك فقط صراع مع غيابك المادي وهذا ما يجعل جراحي في النهاية جميلة ، البعض يعتقد أن الحب على الفيس بوك لا يستمر ، لأنه يسير بحاسة واحدة هي النظر للكلمات على الشاشة ، وهذا غير صحيح ، وحده البصر قادر على اختراق الغلاف الصلب لروحٍ جميلة ، على الفيس بوك عليك أن تنسى أنك تعجبني ، عليك أن تفكر فقط في أنت تقنعني ، الكلمات ستأتي من قلبك ، من روحك ، من عقلك ، ستكون هناك أفكار ليس لها علاقة بالصراع مع الغرائز ، بل لها علاقة بالمكان الذي يمكن أن ترتقي إليه ، سيقوم الحلم وبشكل تلقائي بتدمير أسوأ ما فينا ، وأنت أمامي قد تظهر كاملاً إلى حد التفاهة ، وقد تكون بعيدا كل البعد عن أن تكون أنت نفسك ، أنت لست سوى موضوع بلا مضمون ، هنا أنت بعيد عن صرامة الواقع ، وهناك من الفراغ ما يكفي لتظهر بوضوح ، بلا كبريائك ، بلا نقودك ، بلا وسامتك ، بلا سترة تخفي خلفها كذبك وعيوبك ، الكذب في الواقع يقع بنية المغالطة أو لإظهار غير ما تفكر فيه ، لا يوجد هنا إلا ما تفكر فيه ، لا شيء هنا لتظهره ، هنا أنت مجردٌ من كل شيء إلا القدرة على لمسي بموهبة ، إلا من القدرة على جعلي أتذوق الحرية دون الحاجة إلى عذر أو وقاحة ، إلا من القدرة على جعلي أشم رائحة خبرتك في كل شيء حتى تعذيبي ، إلا من القدرة على جعلي أسمع دقات قلبي و هي تعلن وصولكَ إليه ، أليس هذا ما يحاول كل حب الوصول إليه ؟ ما هو جدير بالانتباه في هذا الحب هو عذابه ، هنا أنا قادر على أن أحرمك مني للأبد ، لن تجد صفحتي ، لن تجدني على صفحات الأصدقاء ، لا رسائل اعتذار تصلني منك ، أنت وحدك هناك بلا صورة لي مع الأصدقاء تنظر إليها ، كل الكلام على الفيس جاف من حبري أنا ، هكذا سأقذف بك إلى جحيم الواقع التام ، إلى حزنك واستبعادك لنفسك من المشهد ، كل مشاجرة في الواقع هي ترف تحتمله العلاقة ، كل شجار هنا هو إعدام للأمل ، على الفيس لن تلتقي بمن تحب صدفة في أي مكان غير قلبك ، الحب على الفيس بوك لا يمكن الخروج منه متى تشاء ، لأن الخروج سلاح لا شفقة فيه ولا رحمة ، إيقاف حسابك سيكون بمثابة فجوة يأتي منها ظلام لا مصدر له ، وسيكون التفكير في جعل صفحتك مكاناً هادئاً ومظلماً بمثابة الانتحار بالنسبة لمن قلبه مُعلَّق بها ، سيكون اسمك معتما ، ومكان صورتك فارغاً ، وكلماتك متلعثمة وباهتة ، ستهملك عصابة المتمردين مع الوقت ، ستفكر ألف مرة قبل تشغيل الجهاز ، وحتى إذا فعلتَ ستشعر أن صفحتك غرفة و أنت وحيد فيها ، معزول ، وحزين وهنا يتطابق الخيال مع الواقع .



  رد مع اقتباس
قديم 2012-03-25, 05:01 رقم المشاركة : 2

Icon14


بسم الله الرحمان الرحيم


ابحرت بين الكلمات حتى كدت اغرق
دمت ودام قلمك بلال



.



  رد مع اقتباس
قديم 2012-03-25, 06:22 رقم المشاركة : 3

افتراضي


موضوع أكثر من مهم ليت إخوانى من الشباب


يعلموا هذا



  رد مع اقتباس
إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هو الحب Blou خواطر و مقالات أدبيّة 0 2012-03-19 00:31
20 حقيقة عن الحب Musulman الأسرة والطفل والطفولة 2 2011-09-14 19:19
الحب الحقيقى rihab87 خواطر و مقالات أدبيّة 2 2011-07-21 13:10


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:45


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة 2010-2023 © منتديات جوهرة سوفت