الـفـاروق رضي الله عـنـه وأرضـاه
قـصـة إسـلامـه
قـال عـبـد الله بـن مـسـعـود رضي الله عـنـه
قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم
{ الـلـهـم أعِـز الإسـلام بـعـمـر بـن الـخـطـاب أو بـأبـي جـهـل بـن هـشـام }
فـجـعـل الله دعـوة رسـولـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم لـعـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه ، فـبـنَـى عـلـيـه الإسـلام وهـدم بـه الأوثـان
أخـرجـه الـطـبـرانـي
*
*
*
عـن أسـلـم قـال ...
قـال لـنـا عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه : أتـحـبـون أن أعـلـمـكـم أول إسـلامـي ؟
قـلـنـا : نـعـم
قـال : كـنـت مـن أشـد الـنـاس عـداوة إلـى رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم
فـأتـيـت الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـي دار الـصـفـا فـجـلـسـت بـيـن يـديـه ، فـأخـذ بـمـجـمـع قـمـيـصـي
ثـم قـال : أسـلـم يـا ابـن الـخـطـاب ، الـلـهـم اهـدِه
فـقـلـت : أشـهـد أن لا إلـه إلا الله وأشـهـد أنـك رسـول الله
فـكـبـَّـر الـمـسـلـمـون تـكـبـيـرة سُمِـعَـت فـي طـرق مـكـة
أخـرجـه أبـي نـعـيـم
*
*
*
عـن عـبـدالله ابـن عـمـر رضي الله عـنـه قـال ...
لـمَّـا أسـلـم عـمـر رضي الله عـنـه قـال : أي قـريـش أنـقـل لـلـحـديـث ؟
قـالـوا : جـمـيـل بـن مـعـمـر الـجـمـحـي ، فـغـدا عـلـيـه عـمـر
قـال عـبـدالله : فـغـدوت أتـبـع أثـر أبـي وأنـظـر مـاذا يـفـعـل وأنـا غـلام أعـقـل كـل مـا رأيـت حـتـى جـاءه
فـقـال لـه : أعـلـمـت يـا جـمـيـل أنـي أسـلـمـت ودخـلـت فـي ديـن مـحـمـد صلى الله عـلـيـه وسـلـم ؟
قـال عـبـدالله : فـوالله مـا راجـعـه حـتـى قـام يـجـر رداءه واتـبـعـه عـمـر واتـبـعـتـه أنـا ، حـتـى قـام عـلـى بـاب الـمـسـجـد
صـرخ بـأعـلـى صـوتـه : يـا مـعـشـر قـريـش ... وهـم فـي أنـديـتـهـم حـول الـكـعـبـة ... ألا إن ابـن الـخـطـاب قـد صـبـأ
قـال عـمـر مـن خـلـفـه : كـذب ، ولـكـنـي أسـلـمـت وشـهـدت أن لا إلـه إلا الله وأن مـحـمـدا رسـول الله
وثـاروا إلـيـه فـمـا بـرح يـقـاتـلـهـم ويـقـاتـلـونـه حـتـى قـامـت الـشـمـس عـلـى رؤوسـهـم ، فـأعـيـا الـتـعـب عـمـر فـقـعـد
وقـامـوا عـلـى رأسـه وهـو يـقـول :
إفـعـلـوا مـا بـدا لـكـم ، فـأحـلـف بـالله ، أن لـو قـد كـنـا ثـلاثـمـائـة رجـل لـقـد تـركـنـاهـا لـكـم أو تـركـتـمـوهـا لـنـا
فـبـيـنـمـا هـم عـلـى ذلـك إذ أقـبـل شـيـخ مـن قـريـش عـلـيـه حُـلـة حِـبـَـرة وقـمـيـص مُـوشَّـى حـتـى وقـف عـلـيـهـم
فـقـال : مـا شـأنـكـم ؟
قـالـوا : صـبـأ عـمـر
قـال : فـمَـه ! رجـل اخـتـار لـنـفـسـه أمـرا فـمـاذا تـريـدون ، أتـرون بـنـي عـدي يُـسْـلِـمـون لـكـم صـاحـبـهـم هـكـذا ؟ خـلـوا عـن الـرجـل
قـال عـبـد الله : فـوالله لـكـأنـمـا ثـوبـا كُـشِـط عـنـه
فـقـلـت لأبـي : بـعـد أن هـاجـر إلـى الـمـديـنـة : يـا أبـت ، مـن الـرجـل الـذي زجـر الـقـوم عـنـك بـمـكـة يـوم أسـلـمـت وهـم يـقـاتـلـونـك ؟
قـال : ذاك ــ أي بُـنـي ــ الـعـاص بـن وائـل الـسـهـمـي
أخـرجـه ابـن اسـحـاق
*
*
*
رقـة قـلـبـه رضي الله عـنـه
عـن أبـي عـمـران الـجـونـي قـال :
مَـرَّ عـمـر رضي الله عـنـه بـراهـب فـوقـف ونـودي بـالـراهـب فـقـيـل لـه هـذا أمـيـر الـمـؤمـنـيـن
فـاطَّـلـع الـراهـب ، فـإذا إنـسـان بـه مـن الـضـر والإجـتـهـاد وتـرْكِ الـدنـيـا
فـلـمـا رآه عـمـر بـكـى
فـقـيـل لـعـمـر : إنـه نـصـرانـي
قـال : قـد عـلـمـت ولـكـنـي رحـمـتـه ، ذكـرت قـول الله عَـزَّ وجـل
{ عَـامِـلَـةٌ نَـاصِـبَـةٌ * تَـصْـلَـى نَـارًا حَـامِـيَـةً ... الـغـاشـيـة : 3 ـــ 4 }
رحِـمْـتُ نـصَـبـَـه ( تـعـبـه ومـشـقـتـه ) واجـتـهـاده وهـو فـي الـنـار
أخـرجـه الـبـيـهـقـي
*
*
*
عـن عـبـدالـرحـمـن الـقـارئ قـال :
قـدِم عـلـى عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه رجـل مـن قِـبَـل أبـي مـوسـى الأشـعـري رضي الله عـنـه فـي خـوزسـتـان
فـسـألـه عـن الـنـاس ، فـأخـبـره
ثـم قـال عـمـر : هـل كـان فـيـكـم مـن مُـغَـرَّبـة خـبـر ؟ ( خـبـر جـديـد )
قـال : نـعـم ، رجـل كـفـر بـعـد إسـلامـه
قـال عـمـر : فـمـا فـعـلـتـم بـه ؟
قـال : قـرَّبـنـاه فـضـربـنـا عـنـقـه
قـال عـمـر : فـهـلاَّ حـبـسـتـمـوه ثـلاثـا ، وأطـعـمـتـمـوه كـل يـوم رغـيـفـا ، واسـتـتـبـتـمـوه لـعـلـه يـتـوب ويـراجـع أمـر الله ؟ !
الـلـهـم ، إنـي لـم أحـضـر ، ولـم آمـر ، ولـم أرضَ إذ بـلـغـنـي ! !
*
*
*
شـجـاعـتـه رضي الله عـنـه
عـن عـلـي بـن أبـي طـالـب رضي الله عـنـه قـال :
مـا عـلـمـت أحـدا هـاجـر إلا مـخـتـفـيـا إلا عـمـر بـن الـخـطـاب فـإنـه لـمَّـا هَـمَّ بـالـهـجـرة تـقـلـد سـيـفـه وتـنـكـب قـوسـه
وانـتـضـى فـي يـده أسـهـمـا وأتـى الـكـعـبـة ، وأشـراف قـريـش بـفـنـائـهـا ، فـطـاف سـبـعـا ، ثـم صـلـى ركـعـتـيـن عـنـد الـمـقـام
ثـم أتَـى حِـلَـقِـهـم واحـدة واحـدة ، فـقـال :
شـاهـت الـوجـوه ، مـن أراد أن تـثـكـلـه أمـه ، ويُـؤتَـم ولـده ، وتَـرمَّـل زوجـتـه فـلـيـتـبـعـنـي وراء هـذا الـوادي
... فـمـا تـبـعـه مـنـهـم أحـد
أخـرجـه ابـن عـسـاكـر
*
*
*
تـفـقـده لإسـتـقـامـة الـولاة والأمـراء
عـن الأسـود بـن يـزيـد قـال ...
كـان عـمـر رضي الله عـنـه إذا قـدم عـلـيـه الـوفـد سـألـهـم عـن أمـيـرهـم :
أيـعـود الـمـريـض ؟ أيـجـيـب الـعـبـد ؟ كـيـف صـنـيـعـه ؟ مـن يـقـوم عـلـى بـابـه ؟
فـإن قـالـوا لـخـصـلـة مـنـهـا ... لا ... عـزلـه
أخـرجـه الـبـيـهـقـي
*
*
*
عـن عـاصـم بـن أبـي الـنـجـود قـال ...
أن عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه إذا بـعـث أمـراء عـلـى الـمـسـلـمـيـن اشـتـرط عـلـيـهـم
أن لا تـركـبـوا بـرذونـا ( الـخـيـول الـتـركـيـة ) ولا تـأكـلـوا نـقـيًّـا ( الـخـبـز الأبـيـض ) ولا تـلـبـسـوا رقـيـقـا ، ولا تـغـلـقـوا أبـوابـكـم
دون حـوائـج الـنـاس ، فـإن فـعـلـتـم شـيـئـا مـن ذلـك حَـلَّـت بـكـم الـعـقـوبـة ، ثـم يُـشـيَّـعـهـم ( يـخـرج مـعـهـم سـائـرا حـتـى يُـغـادروا الـمـديـنـة )
فـإذا أراد أن يـرجـع قـال لـهـم :
إنـي لـم أسـلـطـكـم عـلـى دمـاء الـمـسـلـمـيـن ، ولا عـلـى أبـشـارهـم ، ولا عـلـى أعـراضـهـم ، ولا عـلـى أمـوالـهـم
ولـكـنـي بـعـثـتـكـم لـتـقـيـمـوا بـهـم الـصـلاة وتـقـسـمـوا فـيـهـم فـيـئـهـم وتـحـكـمـوا بـيـنـهـم بـالـعـدل فـإذا أشـكـل عـلـيـكـم شـيء فـارفـعـوه إلـيَّ
ألا فـلا تـضـربـوا الـعـرب فـتـذلـوهـا ، ولا تـجـمـروهـا فـتـفـتـنـوهـا ، ولا تـعـتـلـوا عـلـيـهـا فـتـُـحـرَمـوهـا ، وجَـرِّدوا الـقـرآن
( أي ... لا تـكـتـبـوا مـع الـقـرآن الـحـديـث أو غـيـره )
*
*
*
عـدلـه رضي الله عـنـه
عـن سـعـيـد بـن الـمـسـيِّـب أن مـسـلـمـًـا ويـهـوديـا اخـتـصـمـا إلـى عـمـر رضي الله عـنـه ، فـرأى الـحـق لـلـيـهـودي فـقـضـى لـه عـمـر بـه
فـقـال لـه الـيـهـودي : والله لـقـد قـضـيـت بـالـحـق
فـضـربـه عـمـر بـالـدرَّة وقـال : ومـا يـدريـك
قـال الـيـهـودي : والله إنـا نـجـد فـي الـتـوراة ... لـيـس قـاضٍ يـقـضـي بـالـحـق إلا كـان عـن يـمـيـنـه مَـلَـك
وعـن شـمـالـه مَـلَـك يـسـددانـه ويـوفـقـانـه مـادام مـع الـحـق ، فـإذا تـرك الـحـق عـرجـا وتـركـاه
أخـرجـه مـالـك
عـن إيـاس بـن سـلـمـة عـن أبـيـه قـال ...
مَـرَّ عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه فـي الـسـوق ومـعـه الـدرَّة ، فـخـفـقـنـي بـهـا خـفـقـة فـأصـاب طـرف ثـوبـي
فـقـال : أمِـط ( تـنـحَّ ) عـن الـطـريـق
فـلـمـا كـان فـي الـعـام الـمـقـبـل لـقـيـنـي
فـقـال : يـا سـلـمـة تـريـد الـحـج ؟
فـقـلـت : نـعـم
فـأخـذ بـيـدي فـانـطـلـق بـي إلـى مـنـزلـه فـأعـطـانـي سـتـمـائـة درهـم
وقـال : اسـتـعـن بـهـا عـلـى حَـجِّــك ، واعـلـم أنـهـا بـالـخـفـقـة الـتـي خـفـقـتـك
قـلـت : يـا أمـيـر الـمـؤمـنـيـن مـا ذكـرتـهـا
قـال عـمـر : وأنـا مـا نـسـيـتـهـا ! !
أخـرجـه الـطـبـري
*
*
*
حـبـه لآل بـيـت الـنـبـي ومـن يَـقـرُب إلـيـه بـنـسـب صلى الله عـلـيـه وسـلـم
عـن جـعـفـر بـن مـحـمـد عـن أبـيـه قـال ...
قـدِـم عـلـى عـمـر رضي الله عـنـه حُـلـل مـن الـيـمـن فـكـسـا الـنـاس فـراحـوا بــالـحُـلـل وهـو بـيـن قـبـر النبي صلى الله عليه وسلم والـمـنـبـر جـالـس
والـنـاس يـأتـونـه فـيـسـلِّـمـون عـلـيـه ويـدعـون لـه
فـخـرج الـحـسـن والـحـسـيـن رضي الله عـنـهـمـا مـن بـيـت أمـهـمـا فـاطـمـة رضي الله عـنـهـا
يـتـخـطـيـان الـنـاس ، ولـيـس عـلـيـهـمـا مـن تـلـك الـحـلـل شـيء ، وعـمـر قـاطـب صـارٌّ بـيـن عـيـنـيـه ( عـابـس الـوجـه )
ثـم قـال : والله مـا هـنـأ لـي مـا كـسـوتـكـم
قـالـوا : يـا أمـيـر الـمـؤمـنـيـن كـسـوت رعـيـتـك فـأسَـنْـتَ
قـال : مـن أجـل الـغـلامـيـن يـتـخـطـيـان الـنـاس ولـيـس عـلـيـهـمـا مـنـهـا شـيء كـبُـرت عـنـهـمـا وصـغـرا عـنـهـا ( أي الـثـيـاب )
ثـم كـتـب إلـى عـامـلـه فـي الـيـمـن : أن ابـعـث بـحـلـتـيـن لـلـحـسـن والـحـسـيـن وعـجِّـل ، فـبـعـث إلـيـه بـحـلَّـتـيـن فـكـسـاهـمـا
أخـرجـه ابـن سـعـد
*
*
*
عـن مـحـمـد بـن سـلام قـال ...
أرسـل عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه إلـى الـشـفـاء بـنـت عـبـد الله الـعـدويـة رضي الله عـنـهـا : أن اغـدي إلـيَّ
قـالـت : فـغـدوت عـلـيـه فـوجـدت عـاتـكـة بـنـت أسَـيْـد بـن أبـي الـعـيـص رضي الله عـنـهـا بـبـابـه فـدخـلـنـا فـتـحـدثـنـا سـاعـة
فـدعـا بـمِـرط ( ثـوب ) فـاعـطـاهـا إيـاه ودعـا بـمِـرط دونـه فـأعـطـانـيـه
فـقـلـت : يـا عـمـر أنـا قـبـلـهـا إسـلامـا ، وأنـا بـنـت عـمـك دونـهـا ، وأرسـلـتَ إلـيَّ وأتـتـك مـن قِـبـل نـفـسـهـا
قـال عـمـر : مـا كـنـت رفـعـت ذلـك إلا لـك ، فـلـمـا اجـتـمـعـتـمـا تـذكـرت أنـهـا أقـرب إلـى رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم مِـنـكِ
أخـرجـه الـزبـيـر بـن بـكـار
*
*
*
تـمـنِّـيـه الـشـهـادة رضي الله عـنـه
عـن قـيـس ابـن حـازم قـال :
خـطـب عـمـر رضي الله عـنـه الـنـاس ذات يـوم فـقـال فـي خـطـبـتـه
إن فـي جـنـات عـدن قـصـرا لـه خـمـس مـئـة بـاب ، عـلـى كـل بـاب خـمـسـة آلاف مـن حـور الـعـيـن ، لا يـدخـلـه إلا نـبـي
ثـم الـتـفـت إلـى قـبـر رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـقـال : هـنـيـئـا لـك يـا صـاحـب الـقـبـر
ثـم قـال : أو صِـدِّيـق ، ثـم الـتـفـت إلـى قـبـر أبـي بـكـر رضي الله عـنـه فـقـال : هـنـيـئـا لـك يـا أبـا بـكـر
ثـم قـال : أو شـهـيـد ، ثـم أقـبـل عـلـى نـفـسـه فـقـال ... وأنَّـى لـك الـشـهـادة يـا عـمـر ؟
ثـم قـال : إن الـذي أخـرجـنـي مـن مـكـة إلـى هـجـرة الـمـديـنـة قـادر عـلـى أن يـسـوق إلـي الـشـهـادة
*
*
*
عـن أسـلـم عـن عـمـر رضي الله عـنـه قـال ...
أن عـمـر رضي الله عـنـه قـال : الـلـهـم ارزقـنـي شـهـادة فـي سـبـيـلـك ، واجـعـل مـوتـي فـي بـلـد رسـولـك صلى الله عـلـيـه وسـلـم
أخـرجـه الـبـخـاري
فـلـمـا سـمـعـت حـفـصـة بـنـت عـمـر بـذلـك ، قـالـت : فـقـلـت ... وأنَّـى يـكـون هـذا ؟
قـال عـمـر : يـأتـي بـه الله إذا شـاء
*
*
*
عـن ابـن عـمـر أن عـمـر رضي الله عـنـه قـال يـوم أحـد لأخـيـه زيـد : خـذ درعـي يـا أخـي
قـال زيـد : أريـد الـشـهـادة مـثـل الـذي تـريـد !
فـتـركـاه جـمـيـعـا
أخـرجـه الـطـبـرانـي
*
*
*
قـصـة الـلـحـظـات الأخـيـرة مـن حـيـاتـه رضي الله عـنـه
عـن عـبـدالله ابـن عـمـر رضي الله عـنـهـمـا قـال ...
لـمـا طـعـن أبـو لـؤلـؤة الـمـجـوسـي عـمـر رضي الله عـنـه طـعـنـتـيـن ، فـظـن عـمـر أن لـه ذنْـبـا فـي الـنـاس لا يـعـلـمـه
فـدعـا ابـن عـبـاس رضي الله عـنـه وكـان يـحـبـه ويُـدنِـيـه ويَـسـمَـع مـنـه
فـقـال لـه عـمـر : أحـب أن نـعـلـم ، عـن مَـلأ مـن الـنـاس كـان هـذا ؟ ( أي : هـل هـوعـن رضـاء مـن الـنـاس )
فـخـرج ابـن عـبـاس ، فـكـان لا يَـمُـر بـمـلأ مـن الـنـاس إلا وهـم يـبـكـون ، فـرجـع إلـى عـمـر
فـقـال : يـا أمـيـر الـمـؤمـنـيـن ، مـا مـررت عـلـى مـلأ إلا رأيـتـهـم يـبـكـون ، وكـأنـهـم فـقـدوا أبـكـار أولادهـم
فـقـال عـمـر : مـن قـتـلـنـي ؟
قـال ابـن عـبـاس : أبـو لـؤلـؤة الـمـجـوسـي ، عـبـد ، الـمـغـيـرة بـن شـعـبـة
قـال ابـن عـبـاس : فـرأيـت الـبِـشْـر فـي وجـهـه
قـال عـمـر : الـحـمـد لله الـذي لـم يـقـتـلـنـي أحـد يـحـاجـنـي بـقـول لا إلـه إلا الله
أمـا إنـي قـد نـهـيـتـكـم أن تـجـلـبـوا إلـيـنـا مـن الـعـلـوج ( كـفـار الـعـجـم ) أحـدا فـعـصـيـتـمـونـي
ثـم دعـا بـشـربـة مـن لـبـن فـشـرب ، فـخـرج بـيـاض الـلـبـن مـن الـجـرحـيـن ، فـعـرف أنـه الـمـوت
فـقـال : الآن لـو أن لـي الـدنـيـا كـلـهـا لافـتـديـت بـهـا مـن هـول الـمـطـلـع ( يـوم الـقـيـامـة ) ومـا ذاك ــ والـحـمـد لله ــ أم أكـون رأيـت إلا خـيـرا
فـقـال ابـن عـبـاس : وإن قـلـت فـجـزاك الله خـيـرا ألـيـس قـد دعـا لـك رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم أن يُـعِـز بـك الـديـن والمـسـلـمـيـن
إذ يـخـافـون بـمـكـة ، فـلـمـا أسـلـمـت كـان إسـلامـك عِـزا ، وظـهـر بـك الإسـلام ورسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم وأصـحـابـه ، وهـاجـرت
إلـى الـمـديـنـة فـكـانـت هـجـرتـك فـتـحـا ، ثـم لـم تَـغِـبْ عـن مـشـهـد شـهـده رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم مـن قـتـال الـمـشـركـيـن مـن
يـوم كـذا ويـوم كـذا ، ثـم قـبِـض رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم وهـو عـنـك راضٍ فـوازرت ( أعـنـت وسـاعـدت ) الـخـلـيـفـة عـلـى مـنـهـاج
رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـضـربـت بـمَـن أقـبـل عـلـى مـن أدبـر حـتـى دخـل الـنـاس فـي الإسـلام طـوعـا ، ثـم قُـبِـض الـخـلـيـفـة وهـو
عـنـك راضٍ ، ثـم وَلِـيـتَ بـخـيـر مـا ولِـيَ الـنـاس ، مَـصَّـرَ ( بَـنَـى ) الله بـك الأمـصـار ، وجَـبَـى ( جـمـع ) بـك الأمـوال ، ونـفَـى بـك الـعـدو
وأدخـل الله بـك عـلـى كـل أهـل بـيـت مـن تـوسـعـتـهـم في ديـنـهـم وتـوسـعـتـهـم فـي أرزاقـهـم ، ثـم خـتـم لـك بـالـشـهـادة فـهـنـيـئـا لـك
قـال عـمـر : والله إن الـمـغـرور مـن تـغـرُّونـه
ثـم قـال : أتـشـهـد لـي يـا عـبـد الله عـنـد الله يـوم الـقـيـامـة ؟
قـال ابـن عـبـاس : نـعـم
قـال عـمـر : الـلـهـم لـك الـحـمـد ، ألـصـق خـدي يـا عـبـد الله بـن عـمـر بـالأرض
قـال ابـن عـمـر : فـوضـعـتـه مـن فـخـذي عـلـى سـاقـي
فـقـال عـمـر : ألـصـق خـدي بـالأرض ، فـتـرك لـحـيـتـه وخـده حـتـى وقـع بـالأرض
فـقـال : ويـلـك وويـل أمـك يـا عـمـر إن لـم يـغـفـر الله لـك يـاعـمـر !
فـقـال لإبـنـه عـبـد الله بـن عـمـر : أنـظـر مـا عـلـيَّ مـن الــديـن فـأحـسـبـه
قـال عـبـد الله : سـتـة وثـمـانـون ألـفـا
فـقـال عـمـر : إن وفَـى بـهـا مـال آل عـمـر فـأدِّهـا عـنـي مـن أمـوالـهـم وإلا فـسَـل بـنـي عـدي بـن كـعـب
فـإن لـم تـفِ أمـوالـهـم وإلا فـسَـل قـريـشـا ولا تَـعـدُهـم ( تـتـجـاوزهـم ) إلـى غـيـرهـم فـأدِّهـا عـنـي
اذهـب إلـى عـائـشـة أم الـمـؤمـنـيـن فـسَـلِّـم
وقـل : يـسـتـأذن عـمـر بـن الـخـطـاب ــ ولا تـقـل أمـيـر الـمـؤمـنـيـن ، فـإنـي لـسـت الـيـوم بـأمـيـر الـمـؤمـنـيـن ــ أن يُـدفـن مـع صـاحـبـيـه
فـأتـاهـا عـبـد الله بـن عـمـر رضي الله عـنـهـمـا فـوجـدهـا قـاعـدة تـبـكـي فـسـلَّـم
ثـم قـال : يـسـتـأذن عـمـر بـن الـخـطـاب أن يُـدفـن مـع صـاحـبـيـه
قـالـت رضي الله عـنـهـا : قـد كـنـت والله أريـده لـنـفـسـي ، ولأوثِـرنَّـه الـيـوم عـلـى نـفـسـي
فـلـمـا رجـع قـال عـمـر : مـا لـديـك ؟
قـال عـبـد الله : قـد أذِنَـت لـك
قـال عـمـر : مـا كـان شـيء بـأهـم عـنـدي مـن ذلـك ، إذا أنـا مـت فـاحـمـلـونـي عـلـى سـريـري
ثـم اسـتـأذن فـقـل : يـسـتـأذن عـمـر بـن الـخـطـاب فـإن أذِنَـت لـك فـأدخـلـنـي وإن لـم تـأذن فـردَّنـي إلـى مـقـابـر الـمـسـلـمـيـن
فـلـمَّـا حُـمِـل كـأن الـنـاس لـم تـصـبـهـم مـصـيـبـة إلا يـومـئـذ ، فـسـلَّـم عـبـد الله بـن عـمـر
وقـال : يـسـتـأذن عـمـر بـن الـخـطـاب
فـأذِنَـت لـه رضـي الله عـنـهـا وأرضـاهـا
فـدُفِـن رحـمـه الله حـيـث أكـرمـه الله مـع الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم وأبـي بـكـر رضي الله عـنـه
**********
*******************
**********
هـذا هـو الـفـاروق عـمـر بـن الـخـطـاب رضي الله عـنـه ! وأيـن مـثـل عـمـر !
كـانـت الـصـوامِـت تـنـطـق بـفـضـلـه وهـو أسـيـر خـوفـه وحـزنـه ، ولـو رأيـتـه لـقـلـت لـه ...
سَــلْ عـن فـضـائــلــك الــزمـــان فـتُـخـبـــرا فـنـظــيـــر مـجــدك لا أراه ولا يُــرى
أوْ لا فــدَعْــه وادَّعَـىَ الـشــرف الــذي أعــيــا الأنـــام فـلـســـتَ تـلـقـى مُـنـكِــــرا
مـا احـتـــاج يـومــا أن يُـقـــام بـشـاهـــــد حــقٌ أزال الـشـــك واجــتـــاح الــمِـــرا
لـقـد جـمَـعْـتَ مَـنـاقِـبًـا مـا اسـتـجـمَـعَـت مـشـهــــورةً مـا اسـتـعـجَـمَــت فـتـفـسَّـرا
فـضْــل الأنـــام وأنـت أثـبـتَـهـــمـ قَــرا فـي حَـمْــل نـائـــبـــة وأعـجـلـهـــمـ قِــــرا
لـو لـم تُـمَـلِّـكـك الأمـور قـيـادَهـا صَــفَــقَــتْ فُــرَّى مـمـا عَــرَى وَوُهَـــتْ عُــرَى
فــتــقَـــدَّمْــتَ الأمــــراء غــيـــر مـنــــازع فـوراء زنــــدك كـل زنــــد قــد وَرَى
مـا بــيــن مــجـــدك والـمـحـــــاول مـثـلـه إلا كـمـا بـيــن الــثــــريـَّـا والــثــــرَى
الـقـصـيـدة مـن قـصـائـد ابـن الـجـوزي رحـمه الله